8و - ولم تذكر الآية في تاركي الحج : «و من ترك الحج» ، بل عبّرت عنهم بكلمة [وَ مَنْ كَفَرَ . . .] ، وهو تعبير يقوم - كما تفيده الروايات - مقام ترك الحج 1 .
ومن الواضح أنّه ليس المقصود بالكفر هنا الكفر الاعتقادي ، بل الكفر العملي ، وفي هذا المجال يقول الإمام الصادق عليه السلام : «من مات ولم يحجّ حجّة الإسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به ، أو مرض لا يُطيق فيه الحج ، أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً» 2 .
ز - إنّ جملة : [فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ ] في ذيل الآية جاءت لإبراز عدم الاعتناء بتارك الحج ، أي أنّ اللّٰه سبحانه ليس مستغنياً عن تارك الحج فحسب ، بل هو في غنى أيضاً عن العالمين بأجمعهم .
2 - لقد عدّ اللّٰه سبحانه زمان الحج والعمرة ومكانيهما ، وكذلك الحجّاج والمعتمرين، بل حتى الذين يقصدون الحج والعمرة من أقصى نقاط العالم دون أن يكونوا قد وصلوا بعدُ إلى الميقات ، وكذلك أضاحي الحج ، بل حتى ذاك الحذاء المتدلي - معلقاً - من رقبة الحيوان المصحوب ، دلالةً على صيرورته أضحيةً في الحج . . . عدّ سبحانه ذلك كلّه من الشعائر الإلهية ، فقد قال : [يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تُحِلُّوا شَعٰائِرَ اللّٰهِ وَ لاَ الشَّهْرَ الْحَرٰامَ وَ لاَ الْهَدْيَ وَ لاَ الْقَلاٰئِدَ وَ لاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرٰامَ ] 3، كما تحدّث عن الصفا والمروة فقال : [إِنَّ الصَّفٰا وَ الْمَرْوَةَ مِنْ