40
أليس المضيف يسر الضيوف
أتينا لترفدنا من نداك
هذا بالنسبة إلى مفردة «فرض»، ونأتيالآن إلىبقية مقطعالآية المتمثل ب [فَلاٰ رَفَثَ وَ لاٰ فُسُوقَ وَ لاٰ جِدٰالَ . . .] حيث إن هذه الاُمور الثلاثة الواردة في الآية تعد منمحرمات الإحرام أو تروكه التييجب على الحاج اجتنابها إذا ما ألزم نفسه بالحج:
الرفث : وردت هذه المفردة مرتين فقط في القرآن الكريم : في سورة البقرة الآية 187 : [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِلىٰ نِسٰائِكُمْ . . .] ، والآية 197 من السورة نفسها ، وهي محل البحث .
ابن منظور في لسانه وفي مادة رفث يقول :
الرفث : هو الجماع وغيره مما يقع بين الرجل وامرأته في حالة الجماع كالتقبيل والمُغازلة ونحوهما . أو هو كلمة جامعة لما يريد الرجل من المرأة في سبيل الاستمتاع بها من غير كناية .
وأما أصله فهو الفُحْش من القول . ورفث في كلامه رفثاً ورفوثاً : صرح بكلام قبيح ، ورافثه أيحادثه بالرفث ، وهو القبيح من الكلام ، وترافثوا : رفث بعضهم إلى بعض ، رَفَثَ الرجل وأَرفثت المرأة ، أييشمل كلام النساءِ في الجماع .
قال العجاج :
ورُبَّ أَسرابِ حَجيجٍ كُظَّم
عن اللَّغَا ، ورَفَثِ التَكَلُّم
وقد رَفَثَ بها ومَعها .
وقوله عز وجل : [أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيٰامِ الرَّفَثُ إِلىٰ نِسٰائِكُمْ ] فإِنَّه عدَّاه بإلى ، لأَنه في معنى الإِفْضاءِ ، فلما كُنْتَ تُعَدِّي أَفْضَيْتُ بإلى كقولك : أَفْضَيتُ إلى المرأَة ، جئتَ بإلى مع الرَّفَثِ ، إِيذاناً وإِشعاراً أَنه بمعناه .
إذن ، رَفَثَ في كلامه يَرْفُثُ رَفْثاً ، ورَفِثَ رَفَثاً ، ورَفُثَ ، بالضم عن اللحياني ، وأَرْفَثَ ، كلُّه : أَفْحَشَ؛ وقيل : أَفْحَشَ في شأْنِ النساءِ .
وقولُه تعالى : [فَلاٰ رَفَثَ وَ لاٰ فُسُوقَ وَ لاٰ جِدٰالَ فِي الْحَجِّ] يجوز أَن يكونَ المراد برفث هو الإِفْحاشَ ، أو هو التعريض بالنكاح .
وروي عن ابن عباس أَنه كان مُحْرِماً ، فأَخَذَ بذَنَبِ ناقة من الرِّكابِ ، وهو يقول :
وهُنَّ يَمْشِينَ بنا هَميسا
إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسا
فقيل له : يا أَبا العباس ، أَتقول الرَّفَثَ وأَنت مُحْرِمٌ؟ وفي رواية : أَتَرْفُثُ وأَنتَ مُحْرم؟
فقال : انما الرَّفَثُ ما رُوجِعَ به النساءُ .
فرأَى ابنُ عباس الرَّفَثَ الذي نَهى اللّٰه عنه ما خُوطِبَتْ به المرأَة؛ فأَما أَنْ يَرْفُثَ في كلامه ، ولا تَسْمَع امرأَةٌ رَفَثَه ، فغير داخلٍ في قوله : [فَلا رَفَثَ] 1 .
مع المفسرين في معنى الرفث :
هذه معانيه في اللغة ، ولا يبعد كثيراً عنها ما يقوله المفسرون .
إذن ، هو الكلام المستقبح ذكره من الجماع ودواعيه ، وقد يكنى به عن الجماع للتلازم بينهما . كما هو أدب القرآن في استعمال الألفاظ الكنائية - والقول للسيد السبزواري - عما يستقبح ذكره من الوطي والجماع ، كالمباشرة والمس واللمس