24سواء أكانت مفاصل اجتماعية أم ثقافية أم سياسية . . . وحينما تكون هذه الأمة بهذا الشكل من البناء والتماسك والوعي عندئذٍ يستطيع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أن يباهي بأمته الأمم الأخرى ويفتخر بها كما ورد عنه صلى الله عليه و آله .
وما فريضة الحج بأهدافها السامية وغاياتها النبيلة إلّا مفردةً كبيرةً من مفردات تلك المنظومة العبادية التي أرستها السماء ، وهي تهدف إلى بناء الفرد وإصلاح المجتمع ، لأن اللّٰه تعالى غني عن العالمين كما صرح في كتابه الكريم : [وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ ] 1 [إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ ] 2 ، لا تنفعه عبادة العابدين ولا يضره كفر الكافرين ولا عصيان العاصين ، وإنما حكمته العالية اقتضت استخلاف الإنسان أو النوع الإنساني في الأرض ، لكي يقوم بتعميرها والاستقرار فيها بأمان وسلامة وعلى أوثق عيشة وأوسع تعاون وانسجام ، وأكمل نظام .
وهذا الإنسان واستخلافه الذي هو مسؤولية عظيمة وخطيرة ، يحتاج إلى تلك المنظومة العبادية لترافقه في كل مفاصل حياته ، بناءً وتقويماً وشحذاً لهممه ، حتى ينطلق للكدح والعمل والمثابرة؛ لأنّ الحياة واستمرارها وديمومتها إلى الأجل الذي تريده السماء يحتاج إلى هذا الكائن الحي المختار العارف بوظيفته والواعي لمسؤوليته الكبيرة والخطيرة المتمثلة بالأمانة التي أوكلها اللّٰه تعالى إليه .
وهذه الفريضة المباركة التي نحن بصددها تتوفر على أهداف عديدة ، أولاها هو البناء الأخلاقي للإنسان الحاج عبر دورة تربوية أخلاقية سامية تتكامل مع مفردات تلك المنظومة العبادية الأوسع ، وتفتح أبوابها ليلج الإنسان المؤمن مناسك عبادية مخصوصة في أشهر معلومة وأيام معدودة و أرض هي الأخرىٰ محدودة ، شاءت السماء أن تختارها وتتخذها لتلك الدورة المدرسية المباركة ، ذات