20الحج أو باسمه ، تماماً كان الحال في الاتفاق الذي وقع بين موسى وشعيب عليهما السلام إجارةً واستئجاراً ، فقد استخدم تعبير «ثماني حجج» بدلاً من ثماني سنوات : [عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ] 1 .
إنّ تسمية هذاالشهر واشتهاره حتّى في العهد الجاهلي بذيالحجة إنّما كان لأداء «حج البيت» فيه ، وهذه التسمية والشهرة تدلّ على شهرة مراسم الحج كما تدلّ على أهمّيتها .
أبرز اتفاقات أيّام الحج ومواثيقها
إن نيل الكمال المعنوي والوصول إلى المقامات السامية يحتاج في الحدّ الأدنى إلى أربعين ليلة ونهاراً متواصلة من الجهاد والسعي المخلص ، «ما أخلص عبد للّٰه عز وجل أربعين صباحاً إلّا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» 2 .
والظاهر أنّ أفضلية الحج وأيّامه الخاصة لم تنشأ فقط من البعد العبادي الذي فيه ، وإنّما ذلك من جوانب عدّة أخرى لها الدور في هذه الأفضلية
إن شهر ذي القعدة والعشر الأوائل من ذي الحجة ، وهي من أبرز مصاديق [وَ لَيٰالٍ عَشْرٍ] 3 ، أبرز فرصة لاتخاذ الأربعين المشار إليها . فعندما تشرّف موسى الكليم عليه السلام بمقام النبوّة الرفيع ، عقد اللّٰه تعالى معه أهم اتفاق في أشهر الحج :
[وَ وٰاعَدْنٰا مُوسىٰ ثَلاٰثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْنٰاهٰا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقٰاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً 4] 5 .
وقد بدأت هذه الأربعين من بداية شهر ذيالقعدة حتى العاشر من ذيالحجة ، حيث تبلغ مراسم الحج وزيارة بيت اللّٰه الحرام مبلغها ، وقد كان موسى الكليم عليه السلام صائماً على الدوام خلال هذه الأربعين ، ليلاً ونهاراً 6 .
وفي هذه الأربعين ، ارتوى موسى عليه السلام تماماً من شوق لقاء الحقّ تعالى ، وكانت حصيلتها ، إضافةً إلى شهود الحق سبحانه 7 ، تلقّي التوراة 8 .
والمقصود هنا أنّ هذه المواهب والعطاءات كانت نصيب موسى عليه السلام في أيام إقامة مناسك الحج .
إن هذا العهد والاتفاق ، واحد من أبرز الاتفاقات والمواثيق التي وقعت بين الخلق (موسى) والخالق ، فيما كان عقد الإجارة بين المخلوقين (موسى وشعيب عليهما السلام ) من أبسط العقود والاتفاقات الواقعة .