32
على جواز التظليل مطلقاً في أيّ بناء، إذ لا خصوصية لنوع الفسطاط، نعم، لا تدلّ على صورة التنقل داخل المكان أو المدينة التي نزل فيها الحاج أو المعتمر.
و عليه، لا تكون دلالة الرواية مطلقةً من ناحية الجواز مطلقاً لكلّ من لم يكن في حال السير، سواء أخذنا بتقريبها الأوّل أو الثاني.
هذا من ناحية الدلالة، وأمّا من ناحية السند، فالرواية في «الفقيه» ضعيفة بجهالة الحسين بن مسلم، و في «المقنع» ضعيفة بالإرسال، فلا يحتج بها، و لا يحرز أن الفقهاء اعتمدوا عليها في الحكم بالجواز حتى يجبر ذلك ضعف السند فيها، بناءً على كبرى انجبار الضعف بعمل الأصحاب، لأن الأقرب أنّهم عملوا برواية البزنطي وحوار الإمام الطويل الذي ذكرناه سابقاً، و معه فلا يمكن الاعتماد عليها في الحكم هنا.
و المتحصّل من مراجعة طوائف النصوص: أنّه لا يوجد مقيّد فيها للطائفة الثانية المطلقة إلّارواية البزنطي و ما ساندها من خبر الفضيل المتقدّم الضعيف السند، غير أنّها لا تدل - كما قلنا - إلّاعلى جواز التظليل في البيوت و الأبنية، دون دلالةٍ على التظليل بمثل اليد أو أدوات النقل أو المظلّة المتعارفة داخل أماكن النزول حال التنقل فيها.
الوجه الخامس:
ما يمكننا ذكره في المقام، و هو أنّ ما يحرز كونه محلاً للابتلاء، و مورداً للسؤال و الاستفهام عند المسلمين في تلك الفترات هو التظلّل في الطريق حال السير، لأنّ عدمه هو الموجب لأذيتهم أحياناً، أو وجوده هو الموجب لراحتهم، و لم يكن التظلّل داخل المدن أو القرى أو عند النزول مورداً لابتلائهم من هذا الحيث، فإنّ دخولهم فى الظلّ كان لحاجتهم لدخول البيوت أو الأخبية أو ما شابه ذلك، ومعنىٰ هذا أنّ ظاهرة التظلّل - بوصفها فعلاً وجودياً يعمد الإنسان لتحقيقه - أمرٌ وجيه ومتصوّر منهم في تلك المرحلة في السفر، أمّا عند النزول فإنّهم ما كان يعمدون لتظليل أنفسهم غير دخول بيوتهم و الاستيطان في أخبيتهم وفساطيطهم، وهذا معناه أنّ تلك الحال الاجتماعية التي كانوا عليها، وهم من