129
معهم، مكتشفاً آفاقاً متنوعةً، وخصائص عديدة، وظواهر مختلفة، في الاجتماع الإسلامي. إنها رحلة وهجرة في عمق الاجتماع الإسلامي، تسهم في إخصاب وعي المسلم، وتدمجه بمحيطه الثقافي والاجتماعي الشامل، وتقتلع من نفسه مشاعر الاغتراب21.
وتكتسب الهجرة مدلولاً خاصاً في الوعي التاريخي لشريعتي، ذلك أنّه يرتقي بها إلى مستوى القانون الفلسفي والاجتماعي، وإن «الهجرة عامل من عوامل التطور والتمدن طوال التاريخ، فمجموعة المدنيات السبع والعشرين
إن شعائر الحج هي مذكرات هاجر وإبراهيم، وملخص مافعلته هاجر هو الهجرة، والانتقال من مرحلة ماقبل الحضارة إلى الحضارة، وإن أية هجرة من نوع هجرتها هي حركة باتجاه الحضارة
في التاريخ التي نعرفها إلى الآن، كلها وليدة هجرات تمت من قبل، ولايوجد استثناء واحد لهذه القاعدة. ومن هذه الناحية لاتوجد قبيلة واحدة كانت بدائية، ثم تمكنت - صدفةً - أن تتحضر، وتغيرت ثقافتها، وأوجدت ثقافة جديدة متقدمة، من دون أن تتحرك وتهاجر من أرضها إلى أرض أخرى. . . فكل الحضارات في العالم، سواء كانت آخرها وأحدثها، وهي حضارة أمريكا الحديثة، أو أقدم الحضارات التي نعرفها، وهي الحضارة السومرية، إنما وجدت كلها على أثر هجرات، مما يعني أن المجتمع البدائي ظل بدائياً طيلة بقائه في أرضه، وتمكن أن يتحضر، وتغيرت حالته جذرياً، بعدما هاجر إلى أرض ثانية وأقام فيها. كل الحضارات كانت وليدة هجرة المجتمعات البدائية»22.
وتحليل مضمون الحج على أنه نوع من الهجرة، يعني أن للحج وظيفة تمدينية حضارية، مثلما هي الهجرة ودورها في صناعة الحضارة في التاريخ.
إن شعائر الحج هي مذكرات هاجر وإبراهيم، وملخص مافعلته