127
إنسان تبعاً لذوقه، ومشاعره، وروحيته، تسطع على مرآة روحه إشعاعات ماتفيضه المناسك من أنوار16.
وبالتالي ليس من الصواب أن يزعم أحد بأنه وعى كل مقاصد الحج، وتعرف على أهدافه وفلسفته بتمامها. وأنه ليس هناك معنى أومقصد سوى ماوعاه17.
الحج ليس ضريبة مالية على الثروة، وإنما هو فريضة كالصلاة.
ومدلول الاستطاعة هو القدرة، والفهم والحكمة، بنحو تدرك ماتفعله، والاستطاعة شرط عام لكل الممارسات الدينية المناطة بالإنسان
إنّ اللاجدوى، واللامعنى، واللاهدف، والحيرة، والارتياب والشك، من أعقد المشكلات التي تعاني منها أعداد غفيرة من البشر منذ فجر التاريخ، والدور الأعظم للدين في الحياة، أنه يحرر الإنسان من حيرته، وارتيابه، ويخلع معنى على مالامعنى له في نظره، كما يضع أهدافاً عظمى للحياة، ويخلص البشر من الشعور بالعبث واللاجدوى. والحج أحد أهم الشعائر التي تبعث في المسلم الحيوية والفاعلية، وترسخ القيم الفاضلة، والأهداف الخيرة في حياته.
قبل أن يذهب المسلم إلى الحج يجب أن يكون مستطيعاً لأداء هذه الفريضة، والاستطاعة، كما يفهمها شريعتي، لاتعني الثراء وامتلاك المال اللازم للسفر، ذلك أن الحج ليس ضريبة مالية على الثروة، وإنما هو فريضة كالصلاة. ومدلول الاستطاعة هو القدرة، والفهم والحكمة، بنحو تدرك ماتفعله، والاستطاعة شرط عام لكل الممارسات الدينية المناطة بالإنسان18.
ويختلط في مفهوم عامة الناس الحج بالزيارة، فيفهمون الحج بأنه زيارة إلى بيت اللّٰه الحرام، غير أن صاحبنا يرفض هذا الفهم، باعتبار الزيارة تنتهي عادة عند المقصد والغاية، أما الحج فهو عملية ديناميكية، وحراك متواصل، وأشواق روحية، وسعي متوثب،