189وحلف أنّه ما سرقها. فسأل قومه النبيَّ أن يجادل ويخاصم عنه ويبرئّه، فنزلت الآيات. . . 1.
هذا، وأنّ من خصائص هذه الصحيفة، أنّها تقبل الآخرين بغضّ النظر عن دينهم وانتمائهم وقوميّاتهم وألوانهم، فكلّ هذه لا تشكّل في نظر الإسلام إلّادوائر صغيرة تذوب أو تندرج في دائرة أكمل وأشمل هي دائرة الاُمّة الواحدة، كما يؤكّد على من يلتزم بهذه الدوائر وينتمي إليها أن لا يكون التزامه ذاك أو انتماؤه هذا طاغياً على التزامه وانتمائه للعقيدة السماوية، فهي الأعمّ وهي الأفضل أجراً في الدُّنيا والآخرة.
***
وهذه الصحيفة، أطلق عليها أسماء متعدّدة فهي الكتاب، كما سمّاها ابن إسحاق حيث قال: وكتب رسول اللّٰه كتاباً، فيما سمّاها غيره بالصحيفة لورودها سبع مرّات في بنود الصحيفة، وبالوثيقة وبدستور المدينة وهو ما عليه بعض الكتّاب المعاصرين. ولا دليل على التسميتين الأخيرتين من بنودها أو من غيرها، وتبقى التسميتان الأوليان هما الأنسب.
وبغضّ النظر عن تسمياتها، فهي عبارة عن معاهدة دوّنها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وهو في المدينة المنوّرة بين المسلمين مهاجرين وأنصار والقبائل العربيّة في المدينة وكان عددها اثنتي عشرة قبيلة واليهود بقبائلهم العشر، فخلدت هذه المعاهدة وصار لها شأن رفيع يذكر، بوصفها أوّل دستور مكتوب يتضمّن عقداً قانونيّاً متميّزاً يرسّخ الإخاء الإسلامي وينشئ كياناً سياسيّاً فريداً وتنظيماً سياسيّاً موحّداً، مع بقاء الجماعات القبليّة التي ألزمت نفسها ببنود الصحيفة على حالها،