165حياته، وهي أفكار تمنح آلات الإنتاج والماكينة دوراً مركزياً في حركة التأريخ، وبناء المجتمعات وفقاً لمعاييرها الخاصة.
يعرّف آل أحمد «نزعة التغريب» بأنها «مجموعة الأعراض التي تطرأ علىٰ حياتنا، في جوانبها الثقافية والحضارية والفكرية، من دون أن يكون لها أية جذور في التراث، أو أي عمق في التاريخ، وبدون أن يكون دخولها تدريجياً، يسمح بالاستعداد لها، وإنما تداهمنا دفعة واحدة، لتقول لنا: أنا هدية الآلة إليك، أو قل إنها الممهد للآلة» .
ويعرف آل أحمد بتوجسه الشديد من كل شيء يرمز للغرب وثقافته، وبالأخص معطيات التكنولوجيا الغربية، فهو يرىٰ أن كل شيء في عالمنا تدنسه الماكينة، و «يتمكنن» ، وعندما يتمكنن يجري تهشيمه ونسفه.
ولعل مصدر هذا الفزع هو خيبة الأمل المزدوجة، من الغرب بقناعه الأمريكي، الذي أسقط حكومة الدكتور مصدق، وأطاح بإصلاحاته، التي جسدت بعض أحلام جلال آل أحمد والنخبة الإيرانية، وخيبة الأمل من الاتحاد السوفيتي، الذي يرمز للماكينة والسلع الغربية أيضاً، وما يلاحظه آل أحمد من قيم وثقافة وافدة، يفرضها نمط الماكينة والسلعة الآتية من الغرب، وما تمثله الماكينة من مركزية محورية في خلق إشكالية التغريب الحضاري.
كما أن حظر الشاه رضا خان للحجاب، وإكراه رجال الدين علىٰ خلع العمامة، واختصار مكاسب الغرب في أزياء النساء، أو قبعة الرجال، اختزن في وجدان آل أحمد وغيره من مواطنيه، عداءً كامناً للغرب، ما لبث أن انفجر في نزعات نفي وإقصاء شمولية، تلفظ كل ما هو غربي.
وعرض آل أحمد آراءه هذه في دراسة كتبها كتقرير إلىٰ مجلس أهداف الثقافة الإيرانية في وزارة التربية والتعليم، سنة 1962، تحت عنوان «غرب زدگي» «وباء