96أما الفخر الرازي في تفسيره للآية، فيقول، وهو يعدّد بعض أحكامها:
إنّ التقية إنّما تكون إذا كان الرجل في قوم كفار، ويخاف منهم على نفسه وماله، فيداريهم باللسان، وذلك بأن لا يظهر العداوة باللسان، بل يجوز أيضاً أن يظهر الكلام الموهم للمحبة والموالاة، ولكن بشرط أن يضمر خلافه، وأن يعرض في كلّ ما يقول، فإنّ التقية تأثيرها في الظاهر لا في أحوال القلوب.
ثمّ ذكر حكماً آخر: وهو أنّه لو أفصح بالإيمان والحقّ حيث يجوز له التقية، كان ذلك أفضل، ودليله ما قاله الحسن:
أخذ مسيلمة الكذاب رجلين من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فقال لأحدهما:
أتشهد أنّ محمداً رسول اللّه؟
قال: نعم.
فقال: أفتشهد أنّي رسول اللّه؟
قال: نعم. وكان مسيلمة يزعم أنّه رسول بني حنيفة، ومحمّد رسول قريش.
فتركه ودعا الآخر فقال:
أتشهد أنّ محمداً رسول اللّه؟
قال: نعم.
قال: أفتشهد أنّي رسول اللّه؟
فقال: إنّي أصمّ! قالها ثلاثاً.
فقدمه، فقتله.
فبلغ ذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله، فقال: أما هذا المقتول فمضى على يقينه وصدقه، فهنيئاً له.
وأما الآخر فقبل رخصة اللّه، فلا تبعة عليه.
ثمّ قال: إنما تجوز فيما يتعلّق بإظهار الموالاة والمعاداة، وقد تجوز أيضاً فيما يتعلّق بإظهار الدين، فأما ما يرجع ضرره إلى الغير كالقتل والزنا، وغصب