8
محاذاة الميقات
الثالث:
قولنا: إنّ من يحجّ بطريق البحر من أهل الشام وغيرهم، فإحرامه من محاذاة الجحفة لا يخلو من إشكال؛ لأنّه يحاذي مسجد الشجرة قبل محاذاة الجحفة، وكما أنّه لا يجوز التعدّي عن محاذاة ميقات قبل الإحرام منها إلى محاذاة ميقات آخر، نعم لو فعل أثم وصحّ حجّه.
فقال: إنّ الأدلّة 1أطلقت أنّ الجحفة ميقات أهل مصر والشام، مع أنّ هؤلاء في مسيرهم إلى الجحفة يحاذون مسجد الشجرة قبل الوصول إلى الجحفة «انتهى» .
فأجبناه بالتاريخ المتقدّم: بأنّه قد فاتك أنّ مسألة المحاذاة في النصّ والفتوى خاصّة بمن لم يمرّ على ميقات، ولا تتناول من مرَّ على أحد المواقيت، وقد اختلفت فيها الأنظار، هل يحرم من محاذاة أقرب المواقيت إلى مكّة، أو من محاذاة أبعدها عنها، أو من محاذاة أقربها إليه؟ والذي استقرّ عليه رأي أكثر المحقّقين 2، ودلّت عليه صحيحة ابن سنان 3، أنّه يحرم من محاذاة أبعد المواقيت عن مكّة «انتهى» .
فأجابنا بالتاريخ المتقدّم أيضاً يقول: قلت دام فضلك «وقد فاتك الخ» .
فأعرض لحضرتك أنّ النصّ الملحوظ لهم في مسألة المحاذاة هي: الصحيحة المذكورة، وهي مختصّة بمن يخرج من المدينة وبمحاذاة الشجرة، وإنّما تسيروا إلى محاذاة سائر المواقيت من سائر الحجّاج بالمناط، وإلغاء خصوصيّة الشجرة، وها هي الصحيحة بحسب رواية الكافي: «من أقام بالمدينة شهراً وهو يريد الحجّ، ثمّ بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه، فليكن إحرامه من