77والتربية والتعلّم والتعوّد لها الأثر البالغ في اكتساب الإنسان الرذائل والآثام.
ولمّا كان البدن في ابتداء خلقه لم يخلق كاملاً، وإنّما ينمو ويكمل وتقوى القوى بالنشوء والتربية بالغذاء والماء، فكذلك النفس تخلق ناقصة، إلّاأنّها قابلة للتكامل المنشود في جبلته، والذي خُلق من أجله، ليصل بجهده وجهاده إلى كماله وأن يكون مظهراً لأسماء اللّٰه وصفاته.
وإنّما تكتمل النفس بالتزكية وتهذيب الأخلاق وتغذيتها بالعلم النافع والعمل الصالح والإيمان الراسخ. وإذا كان البدن صحيحاً، فشأن الطبيب حينئذٍ تمهيد القانون وبيانه الحافظ للصحة، وإن كان مريضاً فشأنه جلب الصحّة إليه، فكذلك النفس، فإن كانت سليمة وزكيّة ومهذّبة الأخلاق، فينبغي السعي من أجل حفظها وسلامة صحّتها وبقائها واكتساب زيادة صفائها وجلائها، وإن كانت عديمة الكمال فاقدة للصفاء الروحي، فينبغي الجهد المتواصل لجلب الصحّة النفسيّة إليها.
هذا ومن أمراض القلب الخطرة جداً هو الرياء في النوايا والعمل، فإنّه كدبيب نملة سوداء في ليلة ظلماء على صخرة صلداء فمن يحسّ بدبيبها؟
ويُقابل الرياء الإخلاص، والأعمال بالنيّات - كما ورد في الخبر - ولكل امرئ ما نوى، والنيّة من عمل الجوانح وهو القصد القلبي نحو العمل المقصود إتيانه والمنشود فعله. ولو كانت النيّة خالصة للّٰهسبحانه فإنّها توجب قبول الأعمال، فإنّ الكلم الطيّب - وهو الذي فيه الإخلاص كما ورد في الأثر - يصعد إلى اللّٰه سبحانه، وإنّما يتقبّل اللّٰه من المُتّقين، والإخلاص أساس التّقوىٰ.
وإنّ الشيطان الرّجيم عدوّ الإنسان قد قعد له هو وأعوانه وحزبه بالمرصاد، ليضلّ الناس ويغويهم قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الُْمخْلَصِينَ 1.