238أو مكان ما أثناء الطريق؛ وذلك لعدم توفّر وسائط النقل السريعة كما هو الحال في عصرنا الحاضر، وكذلك لندرة الطرق الواصلة بين تلك الأماكن، وهو ما اضطرّهم للمكوث أطول فترة ممكنة في تلك المناطق التي نزلوا فيها وجعلهم يتعرّفون عليها وعلىٰ أهلها فراحوا يدونون أسماءها وأسماء المناطق المجاورة لها وما فيها من آثار ومعالم وكتابة خصوصياتها وتثبيت كلّ ذلك على صفحات مؤلفاتهم. ومع ذلك، فقد دوّن بعض المؤلفين الأسماء بصورة مغلوطة، أو اشتبهوا في بيان الخصائص الأخلاقية والاجتماعية لسكّان تلك المنطقة أو المدينة أو القرية في ذلك الزمن.
ويرجع السبب في ذلك إلى حصول أولئك الرّحالة على تلك المعلومات من أشخاص غرباء أو أمّيّين أو لا يملكون المعلومات الكافية والمطلوبة. ولحسن الحظ، فإنّ مثل هذه الحالات من الأخطاء يمكن تصحيحها بالرجوع إلى المصادر التأريخية الموثوقة.
هذا وتمتاز بعض اليوميات بخصائص وميزات معينة؛ وذلك لكونها مصاغة بشكل أبيات شعرية. ويمكن الإشارة إلى كتاب (فتوح الحرمين) ل(محيي اللاري) - القرن العاشر -؛ ومنظومة لسيدة إصفهانية (في القرن الثاني عشر) باعتبارهما أهم اليوميات على هذا الصعيد. 1وتجدر الإشارة إلى أنّ الكثير من الرّحالة عمد إلى تخصيص الجزء الأعظم من يومياته؛ لبيان الصعوبات والمشاكل الكبيرة في ذلك الزمان. ولا يخفى ما لذلك من أهمية كبيرة خاصة بعد مقارنة تلك الحالات مع الواقع الموجود في وقتنا الحاضر. لكن كل ذلك لم يكن ليمنع الحجيج من شدّ رحالهم إلى تلك الديار المقدسة وأداء مراسم الحجّ؛ تلك الفريضة الإلهية المقدسة، لِما كانوا يحملونه من حبّ لها وتعلّق بزيارة ما في تلك البلاد من آثار وأماكن تهفو إليها قلوب المؤمنين.