154رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم قد حاز الأموال كلّها: الشّق ونَطاة والكتيبة وجميع حصونهم، إلّا ما كان من ذينك الحصنين.
فلمّا سمع بهم أهل فَدَك قد صنعوا ما صنعوا. بعثوا إلى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم يسألونه أن يسيّرهم، وأن يحقن دماءهم، ويخلوا له الأموال، ففعل. وكان فيمن مشىٰ، فلمّا نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها؛ فصالحهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم على النصف، على أنّا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم؛ فصالحه أهل فدك على مثل ذلك. فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم؛ لأنّهم لم يجلبوا عليها بخيلٍ ولا ركاب.
قال معدّ البحث: كان صلح أهل خيبر على الثمرة فقط، أمّا صلح أهل فدك، فكان على الأرض والثمرة.
وفي سيرة ابن هشام 3: 341: كان فتح خيبر في صفر.
قلت: وهو أقرب إلى الصواب؛ لأنّه خرج صلى الله عليه و آله و سلم من المدينة في شهر المحرّم سنة سبع للهجرة، كما تقدّم.
جلاء اليهود من خيبر:
قال مالك: أوّل من جلّى يهود خيبر عمر رضى الله عنه، فقال له رئيس من رؤوسائهم:
أتجلينا وقد أقرّنا محمّد؟ فقال عمر رضى الله عنه: أتراني نسيت قوله: كيف بك لو قد رقصت بك قلوصك نحو الشام ليلة بعد ليلة؟ فقال: إنّما كانت هُزَيْلَة من أبي القاسم. فقال له عمر رضى الله عنه: كذبت، كلّاَ والذي نفسي بيده، إنّه لفصل وما هو بالهزل.
قال ابن جريج: وأخبرني عامر بن عبداللّٰه بن نسطاس قال: بعث النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم عبداللّٰه بن رواحة رضى الله عنه فخرص بينهم، فلمّا خُيّروا أخذت اليهود التمر، فلم يزل بيد يهود حتّى أخرجهم عمر رضى الله عنه منها، فقالت اليهود: ألم يصالحنا النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم على كذا وكذا؟ فقال: إنّ غدركم ما بدا للّٰهولرسوله، فهذا حين بدا لي إخراجكم منها. ثمّ