113وكون الدُّعاء عبادة إنّما يجري في قسم منه، وهو الطلب من الخالق المدبّر الذي جلَّ شأنُهُ عن الأشباه والنظائر. ولو جعلت كلّ دعاء عبادة، للزم أنّ دعاء (زيد) لإصلاح بعض الاُمور، أو دفع بعض المحذور، وطلب الأفعال، كلّها من قبيل الكفر.
فالسؤال، والأزواج، والعبيد، والخُدّام في طلب المآكل والملابس مربوبون، و مقابلوهم أرباب، فيكون ذلك مكفّراً، و إن أقررت بالتخصيص خصّصناه بما ذكرناه.
وبيانُهُ: أنّ لفظ «الدُّعاء» لا يُراد به المعنى اللغوي، وإلّا لكفر جميع الخلق، فالمراد دعاء العبودية والمربوبيّة، كمن دعا الأصنام أو الصالحين، مع اعتقاد ربوبيّتهم، وقصد عبوديّتهم، مكتفين بها عن عبادة اللّٰه، أو مشركين أولئك مع اللّٰه لقصد وصول النفع إليهم منهم، وليقرّبوا إلى اللّٰه زُلفى.
وأمّا ما ذكرتَهُ من (النذر لغير اللّٰه تعالى) و (الذبح لغير اللّٰه) ، وهذا أيضاً إن اُريد أنّهم يذبحون مُهلِّينَ باسم غير اللّٰه، أو ينذرون تعبّداً لغير اللّٰه. فذلك لم يصدر من أحد من المسلمين، وكلّ من فعل ذلك، فهم منه براء، سواء كان ذلك عبادةً لغير اللّٰه، أو كان لأجل أن يقرب إلى اللّٰه.
وأمّا لو كان من باب إهداء ثواب المذبوح والمنحور والمنذور إلى أولياء اللّٰه وعباده الصالحين، فهو من أعظم الطاعات، وأفضل القربات، وقد بيّنا ذلك في بعض المقامات.
قولك: إنّ ذلك حقيقة دين المشركين أعداء رسل ربّ العالمين، كقوم نوح وعاد وثمود، وقوم إبراهيم، فأخبر اللّٰه عنهم بذلك في كتابه المبين، حيث يقول وهو أصدق القائلين: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ مَا لَايَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللّٰهِ 1فأخبر اللّٰه أنّهم ما عبدوهم إلّاليقرّبوهم إلى اللّٰه زلفى، وقال