111وأمّا قضيّة (الزينة) فقد رُويَ عن علي عليه السلام أنّ بعض الصحابة أشاروا على عمر أنْ يأخذ زينة الكعبة ليقوّي بها جيوش المسلمين، فقال له عليّ عليه السلام: إنّ الأموال قسّمها النبيّ صلى الله عليه و آله على الفقراء، وكانت في ذلك اليوم الحليّ موجودة ولم يقسّمها، فلا تخالف وضع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فقال عمر رضى الله عنه: «لولاك افتضحنا» ، وأبقى الحليّ على حالها.
والأصل في بناء (القباب) وتعميرها، ما رواه البناني (واعظ أهل الحجاز) عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه الحسين، عن أبيه عليّ أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قال له:
واللّٰه لتقتلنّ في أرض العراق، وتدفن بها. فقلت: يارسول اللّٰه ما لمن زار قبورنا وعمَّرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إنّ اللّٰه جعل قبرك وقبر ولديك بقاعاً من بقاع الجنّة، وإنّ اللّٰه جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده تحنُّ إليكم، ويعمّرون قبوركم، ويكثرون زيارتها، تقرّباً إلى اللّٰه تعالى، ومودّةً منهم لرسوله.
يا عليّ مَنْ عمَّرَ قبوركم وتعاهدها، فكأنّما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجّة بعد حجّة الإسلام، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته اُمّه.
ونُقِلَ نحو ذلك أيضاً في حديثين معتبرين: نقل أحدهما الوزير السعيد بسند، وثانيهما بسندٍ آخر غير ذلك السند، ورواه أيضاً محمّد بن عليّ بن الفضل.
فبعد دلالة هذه الأخبار على تعمير (القباب) ، واستمرار طريقة الأصحاب، مع أنّها داخلة في المواضع المعدّة للطاعات، كالمساجد، والمدارس، والرباطات، مع أنّ فيها تعظيماً لشعائر الإسلام، وإرغاماً لمنكري دين النبيّ عليه الصلاة والسلام.
وبعد أن بيّنا أنّ الحكم والمصالح تختلف باختلاف الأوقات، وذكرنا اعتضاد ذلك بالروايات، لم يبق بحثٌ من جميع الجهات.
وعلى تقدير ثبوت الخطأ في هذا الباب، لا يلزم على المخطئ تكفير