1343 - أمّا ما نقله العلّامة عن ابن الجنيد من أنّه سمّى طواف النساء طواف الوداع وأوجبه فإنّه يصلح شاهداً للطرفين معاً، ولا تختصّ صلاحيته بمعارضة من يقول بقيام طواف الوداع مقام طواف النساء، بل قد يدّعي هذا القائل بأنّ دلالة عمل ابن الجنيد على ذلك أكبر من دلالته على عدم قيام طواف الوداع مقام طواف النساء، فلعلّ ابن الجنيد يريد بذلك أنّ طواف النساء عندنا هو نفسه الذي يسمّيه العامّة بطواف الوداع سوى أنّهم لم يلتفتوا إلى أثره في تحليل النساء على الرجال وبالعكس فادّعوا استحبابه، وغفلتهم هذه لا تؤثّر في الواقع الشرعي شيئاً. ولا أقلّ من إجمال لأدلّة عمل ابن الجنيد، فلا يكون مرجّحاً لقول على آخر.
4 - أمّا مسألة أنّ المستحبّ لا يقوم مقام الواجب فكلام البحراني فيها أولى بالاعتبار من كلام العلّامة. وإضافة إلى ما قاله البحراني في ردّه فإنّ القائل بقيام طواف الوداع مقام طواف النساء في التحليل ينظر إلى نفس العمل ويعتبر التسمية أمراً طارئاً لا أثر له في الواقع الشرعي. فمن أدّى هذا العمل ترتّب عليه الأثر الشرعي سواء كان ذلك العمل اسمه طواف الوداع أم طواف النساء. وما دام المكلّف يقصد امتثال التكليف فإنّ الأثر الشرعي يترتّب وإن كان المكلّف قد اشتبه الحال عليه اجتهاداً أو تقليداً وتصوّر بأنّ ما جاء به مستحبّاً وكان في الحقيقة واجباً.
5 - أمّا مسألة احتمال أن يكون المقصود به العامّة فهو احتمال صحيح جدّاً، لكنّه ينفع القائل بقيام طواف الوداع مقام طواف النساء، ولا ينفع من ينفي ذلك، فإنّ كلام الإمام عليه السلام في رواية إسحاق يجري مجرى الامتنان على العامّة بأنّ قيامهم بطواف الوداع ينفعهم في التحليل بحيث كأنّهم يأتون بطواف النساء وإن لم يقصدوه، بما يعني أنّ قصد الوجه ليس دخيلاً في أن يأخذ طواف الوداع اثر طواف النساء، فالمهمّ أن يأتي المكلّف في نهاية الحجّ بطواف، فإن أتى به نفعه في التحليل سواء كان بهذا الاسم أم بذاك، أو بلا اسم أصلاً، ولا خصوصية للعامّي في هذه