199الطريق. . . أيأنّه ترك له (للإنسان) مجال الإبداع إلى اللانهاية، مجال التطور التكاملي إلى اللّانهاية. . .» 1.
في هذا المناخ العقائدي، تندرج جملة الشعائر التي يقوم بها المسلمون، تقرّباً وتعظيماً للّٰهوخروجاً علىٰ كلّ ما يتعارض ويعيق هذا المسار التوحيدي. فالقيام بالشعائر ليس تعظيماً للشيء بعينه، بقدر ما هو تقرّب إلى اللّٰه تعالىٰ:
ذلك ومن يعظّم شعائر اللّٰه فإنّها من تقوى القلوب 2.
بهذا المعنىٰ تأخذ شعيرة الحجّ معنىً وسلوكاً توحيدياً شمولياً، يمارسها المسلم بالشكل والمعاناة، بسلوكه السياسي والاقتصادي، بنظرته لنفسه وللآخرين. . .
الحجّ عامل تزكية وتوازن نفسي وعقلي وعاطفي
- والذين آمنوا أشدّ حبّاً للّٰه 3.
- قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من اللّٰه ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتّىٰ يأتيَ اللّٰه بأمره واللّٰه لا يهدي القوم الفاسقين 4.
ينظر الإسلام إلى الإنسان - بالمعنى الفردي والاجتماعي - باعتباره مشدوداً دائماً إلىٰ جملة العلاقات والمواقع الاجتماعيّة التي تحيط به. فالإنسان ليس «مجرداً أو مطلقاً خارجاً عن النظام المادّي والعلل والعوامل العينيّة والعمليّة. . . ولكنّه (أي الإنسان) يستطيع استغلال الجبر الطبيعي والوراثة والتاريخ والمجتمع، ويكون مدبر الدنيا المادية، أيصاحب السيادة على الوجود، ويقطع هذه المسيرة العلمية من «التراب» إلى «اللّٰه» . . . وفي هذا المسير تجد فلسفة بناء الذات وجهتها وفلسفتها.
ليس بناء الذات في الإسلام «رياضة سلبية» ، لكنّها، «تربية إيجابية» 5.
إنّ الحجّ كسلوك فردي وجماعي، يمكن أن يندرج ضمن هذه الوجهة التي تحاول تحويل وضع الإنسان المسلم من ظاهرة سلبية تكون محصلة لولائه العائلي