127إلى نفس الطواف. ويضرب الرازي لهذا مثلاً فيقول: كما لو كان في الثوب نجاسة يسيرة عندكم، أو دم البراغيث عندنا، فقيل: لا جُناح عليك أن تصلّي فيه، فإن رفع الجُناح ينصرف إلى مكان النجاسة، لا إلى نفس الصلاة.
الرابع: روي عن عروة أنّه قال لعائشة: إنّي أرى أن لا حرج عليَّ في أن لا أطوف بهما.
فقالت: بئس ما قلتَ، لو كان كذلك لقال: أن لا يطوف بهما. ثمّ حكى ما تقدّم في الصنمين.
وهنا يعلّق الرازي بقوله: وتفسير عائشة راجح على تفسير التابعين.
ولو احتجّ على الرازي بقراءة ابن مسعود فلا جُناح عليه أن لا يطوّف بهما باعتبارها تصلح مؤيّداً لما ذهب إليه عروة، علماً بأنّ هناك آيات توافق قراءة ابن مسعود كقوله تعالى: يبيّن اللّٰه لكم أن تضلّوا أي أن لا تضلّوا، وكقوله تعالى: أن تقولوا يوم القيامة معناه: أن لا تقولوا.
ويجيب الرازي عن هذا بقوله: القراءة الشاذّة لا يمكن اعتبارها في القرآن؛ لأنّ تصحيحها يقدح في كون القرآن متواتراً.
ويخلص أخيراً كما في الفقرة التالية.
الخامس: أنّ قوله فلا جناح عليه لا يطلق على الواجب فكذلك لا يطلق على المندوب، ولا شكّ في أنّ السعي مندوب، فقد صارت الآية متروكة العمل بظاهرها.
وفي ردّه على من تمسّك بقوله تعالى ومن تطوّع خيراً. . . يستدلّ على أنّ السعي بين هذين الجبلين تطوّع وليس بواجب وهو ما ذهب إليه أبو حنيفة ومن قبله على ما رُوي أنّ ابن عبّاس قد ذهب إليه وكذا ابن الزبير وأنس بن مالك وابن سيرين.
فقد قال الرازي: وأمّا التمسّك بقوله فمن تطوّع خيراً فضعيف؛ لأنّ هذا لا