43
نعمة اللّٰه وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم، فإنّ اللّٰه يسمع دعوة المضطهدين، وهو للظالمين بالمرصاد» .
«لا يغرّنكم ما أصبح فيه أهل الغرور، فإنّما هو ظلٌّ ممدود إلى أجلٍ محدود» .
مداخلات
وختاماً نكتفي بما ذكره بعض كبار الكتّاب والمفكّرين:
عبّاس محمود العقّاد
تدلّ أخباره - كما تدلّ صفاته - على قوّة جسدية بالغة في المكانة والصلابة على العوارض والآفات. فربما رفع الفارس بيده فجلد به الأرض غير جاهد ولا حافل، ويمسك بذراع الرجل فكأنّه أمسك بنفَسِهِ فلا يستطيع أن يتنفّس، واشتهر عنه انّه لم يصارع أحداً إلّاصرعه، ولم يبارز أحداً إلّاقتله، وقد يزحزح الحجر الضخم لا يزحزحه إلّارجال، ويحمل الباب الكبير يعيى بقلبه الأشدّاء، ويصيح الصيحة فتنخلع لها قلوب الشجعان. . . لا ينهض له أحد في ميدان مناجزة، فكان لجرأته على الموت لا يهاب قرناً من الأقران بالغاً ما بلغ من الصولة ورهبة الصيت. . .
ويزيد شجاعته تشريفاً أنّها ازدانت بأجمل الصفات التي تزين شجاعةالشجعان الأقوياء. . فلا يعرف الناس حلية للشجاعة أجمل من تلك الصفات التي طبع عليها عليّ بغير كلفة ولا مجاهدة رأي. وهي التورّع عن البغي، والمروءة مع الخصم قويّاً أو ضعيفاً على السواء، وسلامة الصدر من الضغن على العدوّ بعد الفراغ من القتال.
أمّا مروءته في هذا الباب فكانت أندر بين ذوي المروءة من شجاعته بين الشجعان. فأبىٰ علىٰ جنده وهم ناقمون أن يقتلوا مدبراً أو يجهزوا على جريح أو يكشفوا ستراً أو يأخذوا مالاً. وصلّى في وقعة الجمل على القتلى من أصحابه ومن أعدائه على السواء، وظفر بعبداللّٰه بن الزبير ومروان بن الحكم وسعيد بن العاص