305زماناً، وكان رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله قد قال لعثمان بن أبي طلحة - يوماً من الأيام -: ربما يأتي زمان يكون هذا المفتاح في يدي أضعه حيث أشاء، فهزع عثمان بهذا الكلام.
ومن الطبيعي بعد سقوط مكّة وفتحها بهذا الجيش الجرّار، أن يركز فيها المواقع الأساسية كالسدانة والسقاية والولاية وما إليها، وأحسّ عثمان بأن أيامهم انتهت فأغلق الباب، وصعد بالمفتاح على السطح، وكأنه أراد أن يختبئ وينجو بهذا العلو فوق سطح الكعبة قائلاً: لو أعلم أنه رسولُ اللّٰه لم أمنعه - يعني بقي على عناده بعد أن دخل الناس في دين اللّٰه أفواجاً - وعندها أمر النبيّ صلى الله عليه و آله عليّاً عليه السلام أن يصعد السطح، ويأخذ المفتاح منه، ولما وصل عليّ عليه السلام الىٰ عثمان حاول التمنع، ولكن علياً أمسكه فحاول الانفلات، ولكن هيهات فقد أمسكه ذو قوة لو اجتمع جيش عرمرم على ازالته منه لما أمكنه ذلك، ثم لوى يده وأخذ المفتاح منه، وفتح باب الكعبة ودخل الرسول صلى الله عليه و آله إلى الكعبة فصلى ركعتين، فلما خرج سأله عمّه العباس أن يعطيه المفتاح فنزل قوله تعالى: إن اللّٰه يأمركم أن تؤدوا الأمانات الىٰ أهلها فأمر النبي صلى الله عليه و آله علياً أن يرد المفتاح الىٰ عثمان، فقال: يا علي! أكرهت وأديت ثم جئت برفق. قال لقد أنزل اللّٰه عزّ وجلّ بشأنك قرآناً، وقرأ الآية عليه، فأسلم عثمان فأقرّه النبي صلى الله عليه و آله في يده 1.
كل دعوة تحتاج - مهما كانت محقة - الىٰ قوة تساندها، قوة المال، وقوة الزند والسيف، وقد كان رسول الهداية محمد صلى الله عليه و آله يحتاج الى الاثنين معاً كغيره من أصحاب الدعوات الصالحة، وقد وفق اللّٰه بمال خديجة فانفقته حتى لم يبق منه شيءٌ، وبقي زند علي عليه السلام الذي رافق الدعوة الإسلامية حتى ثبّت أركانها.
وفروسية علي وقوته وشجاعته كانت لا تخفى على أحد، وكانوا يهابونه صغيراً وكبيراً، وإذا تصدى علي عليه السلام لموقف كانوا يعرفونه لا يرجع حتى يفتح اللّٰه على يده.
من هنا لم يكن بإمكان عثمان بن طلحة ولا غيره أن يختبئ، أو يصعد على