184القاضي السعيد الشهيد سنة 1019 التستري حين طفق ينازل ويناضل القاضي روزبهان من علماء المعقول والمنقول، حنفي الفروع أشعري الأصول، في إحقاق الحق حيث قال: «إنّ الفضيلة والكرامة في أنّ باب الكعبة كان مقفلاً، ولما ظهر آثار وضع الحمل على فاطمة بنت أسد - رضي اللّٰه عنها - عند الطواف خارج الكعبة انفتح لها الباب بإذن اللّٰه تعالى، وهتف بها هاتف بالدخول.
كما عقّب التستري على مسألة ولادة حكيم قائلاً:
وعلى تقدير صحّة تولّد حكيم بن حزام قبل الإسلام في وسط بيت اللّٰه الحرام، فإنّما كان بحسب الاتفاق كما يتّفق بسقوط الطفل من المرأة، والعجل من البقرة في الطريق وغيره، على أنّ الكلام في تشرّف الكعبة بولادته فيها، لا في تشرّفه بولادته في الكعبة» 1.
أبو الحسن المالكي في (الفصول المهمّة في معرفة أحوال الأئمّة) يذهب المذهب نفسه في ولادة حكيم: فبعد أن يذكر ولادة عليّ في جوف الكعبة قال: وأمّا حكيم بن حزام فولدته أمّه في الكعبة اتفاقاً لا قصداً» وقد أصفق في هذا الكلام معه البحّاثة عبد الرحمن الصفوري الشافعي في نزهة المجالس 2.
بعد هذا فإنّ كتباً كهذه «المتينة المبنية على الحجاج والنضال لاسيما كتب العلّامة والقاضي التستري وابن بطريق لم يتوخّ مؤرخوها - والكلام ما زال للشيخ المؤلف - سرد الوقائع التاريخية من أينما حصلت، وإنّما قصدوا فيها إلزام الخصوم بالحجج النيّرة، فهل يمكنهم إذن أن يسترسلوا بإيراد ما توسع بنقله القالة من دون تثبت؟ لا، ولكن شريعة الحجّ والدين تلزمهم بإثبات الشائع الذائع المتلقّى عند الفريقين بالقبول المشهور نقله، الثابت إسناده بحيث لا يدع للمتعنت وليجة إلىٰ إنكاره، وإلا لعاد ما يذكره ثلماً في بيانه، وفتّاً في عضد برهانه، فمن الواجب إذن أن يكون هذا الجواب ممّا يخضع له الخصم ولا يتقاعس عن الإخبات به الأولياء لمكان شهرة النقل له.