17
فأبوه: شيبة بني هاشم شيخ قريش وزعيمها وسيّد قومه أبو طالب، الذي انطوت نفسه على خصال كريمة كلّها شموخ وعزّة وفضائل. . .
وهو الكافل المدافع الذابّ عن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، والذي أحاط رسول اللّٰه بعناية عظيمة ورعاية قلَّ نظيرها خصوصاً إذا عرفنا مكانته في قريش وبين زعمائها وما سبّبه ذلك من إحراج له وضيق وأذًى، ومع هذا كلّه فقد صبر أيما صبر دفاعاً عن محمّد ورسالته حتّى إنّ قريشاً لم تكن قادرةً على أذى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مع رغبتها في ذلك حتّى توفي أبو طالب فراحت تكيد له. .
يقول رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «واللّٰه ما نالت قريش منّي شيئاً أكرهه حتّى مات أبوطالب» .
ولم يهاجر إلى المدينة إلّابعد وفاة عمّه رضوان اللّٰه عليه. هذا أبوه.
وأمّا جدّه: فهو عبد المطّلب شيبة الحمد أمير مكّة وسيّد البطحاء له ولاية البيت الحرام من السقاية والرفادة. . وكان ذا مهابة ووقار وميل إلى الدين والنسك، وهو الذي قام بحفر بئر زمزم التي تفجّرت تحت قدمي جدّه إسماعيل من قبل، بعد أن غاب أثرها ولم يهتدِ إليها أحد حتّى هتف به هاتف في منامه، فراح يحفر حتّى اهتدى إليها مستعيناً بابنه الحارث الذي كان وحيده وقتذاك.
ثمّ هو الذي خذل اللّٰهُ على يديه ابرهة الحبشي وجنده الذين جاؤوا لهدم الكعبة وصرف الحاجّ عنها إلى بيت بناه في اليمن، ولمّا التقى ابرهة بعبد المطلب أراد أن يستميله إلى جنبه، فما وجد منه إلّاالرفض، وإلّا الثقة العالية باللّٰه، مكتفياً بأن يرد إليه إبله وشويهاته التي أخذها جنده.
فقال ابرهة: كنت في نفسي كبيراً وسمعت أنّك وجيه في قومك، فلمّا سألتك عن حاجتك وذكرت الإبل والشياه ونسيت بلدك وأهلك وبيتك المقدّس سقطت من عيني.
فقال عبد المطلب: الإبل لي، وللبيت ربّ يحميه.