223أو بريداً أو نقيباً، وليس من أولئك النفر إلّاوقد قارف ما قال، إلّافتى من الأنصار فقال: (أنا أكفنك يا عم أكفنك بردائي هذا أو في ثوبين في عبيتي من غزل أمي) قال أبو ذر (أنت تكفنني) ثم قال (بسم اللّٰه وباللّٰه وعلى ملةرسولاللّٰه صلى الله عليه و آله ولفظ نفسه الأخير) .
وهكذا انطفأ هذا المصباح، وضاع هذا الصوت، ومات هذا البطل المجاهد العظيم استرجع القوم على عظم المصيبة، وبكوا ثم شرعوا في تجهيزه، وتنافسوا في كفنه 1.
حتى خرج من بينهم بالسواء، وتولى غسله مالك الأشتر وصحبه حتى فرغوا، ولفّه مالك الأشتر في برد يماني كان قيمته 4000 درهم وصلى عليه، ودفنوه على قارعة الطريق. ثم مسح الأشتر القبر بيده وقام عليه وقال:
(اللهم هذا أبوذر صاحب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله عبدك في العابدين، وجاهد فيك المشركين. لم يغيّر ولم يبدل، لكنه رأى منكراً فغيّره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي وحرم واحتقر. ثم مات وحيداً غريباً. . .) الى آخر ما قاله 2. وكانت وفاته رضى الله عنه في آخر ذي القعدة الحرام سنه إحدى وثلاثين بعد الهجرة 3.
أما ابنته أو زوجته علىٰ رواية، فقد حملها القوم معهم الى المدينة وسلّمها مالك الأشتر الى الإمام علي ابن ابي طالب عليه السلام معزّزةً مكرّمةً محترمةً الى ما شاء اللّٰه 4.
وأنهى أبو ذر في سنة 32ه حياةً جليلةً وعظيمةً كانت كلّ مفاصلها في عين اللّٰه تعالى؛ ليجد نداء الحقّ أمامه: أن تلكم الجنّة اُورثتموها بما كنتم تعملون.
فدفن رضوان اللّٰه عليه في مكان على قارعة الطريق في الربذة وهي من قرى المدينة على ثلاثة أيام قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة. . . 5وقد حفرت عندها آبار وقناة، وأشهر آبارها (بئر الوسيط) راح أهالي القرى