143الحج فرصة من فرص العودة الى الذات. . . نراه يثير انتباه جموع الحجيج الى طريق الخلاص، وما يكتنف العالم الاسلامي من تحديات: «إنكم تعرفون أن القوى الكبرى تنهب ثرواتنا المعنوية والمادية، وتتركنا في فقر، تحت سيطرتهم الاقتصادية والسياسية والثقافية، ولا يمكن التخلّص من هذا الوضع إلّا بالعودة الى شخصيتنا الاسلامية، ورفض الظلم والطغيان من أي مصدر كان، وفضح القراصنة الدوليين وعلى رأسهم أمريكا» .
وبهذا الهدف الشمولي الانساني أعاد الامام بعث المشروع الحضاري الاسلامي، فمن لوازم عقيدة التوحيد إيمان كلّ مسلم «بأنّ الدين الاسلامي سيسود العالم. . وسيمحو آثار الكفر والاستكبار عن وجه الأرض» . إلّاأنّ هذا الهدف الاستراتيجي غير متحقق إلّا انطلاقاً من تحقيق هدف مركزي دينامي يتمثل في قيام حكومة اسلامية تمهيدية، حيث يمكن للمسلمين أن يقيموها، وحيث تتوفر المناخات والظروف الآيلة إليها، فكان أول العقد في ايران، إذ اندلعت الثورة الاسلامية فيها على يدي الامام الخميني نفسه بعد نضوج مقدماتها التكاملية وجهاد استمرّ متواصلاً جاداً على مدىٰ ما يناهز الربع قرن من الزمن. لكن هذه الثورة لم تكن إلّاالخطوة الأولى في المشروع الكبير، بما هي ثورة من أجل العالم الاسلامي، ومن أجل المستضعفين في العالم في الوقت نفسه.
يقول الامام: «إنّ هذه الثورة قد قامت بالدرجة الأولىٰ من أجل العالم الاسلامي، وبالدرجة الثانية من أجل المحرومين والمستضعفين الذين يسعون من أجل تحريرهم. . وبهذا المعنىٰ فإنّ الثورة الاسلامية الايرانية ليست فريدة ومقتصرة على نفسها، بل هي بداية ثورات تماثلها في الهوية والميزات» .
وهذا يعني - فيما يعني - أنّ ايران للاسلام وفي خدمة الاسلام، وليس العكس، أي أن ايران ليست للايرانيين، كما يحلو للبعض رفع هذا الشعار، بل إنّ الثورة الاسلامية قامت من أجل المحرومين والمستضعفين، فهي - حسب الرؤية الخمينية - ملاذ