88مررنا عليها ذهاباً، ووصلنا قرن الثعالب الذي هو ميقات أهل نجد بعد طلوع الفجر، ونزلنا حتى توضّأنا وصلينا، وأحرمت من هناك بعمرة. . . ثم صلينا الصبح في الميقات وذهبنا ومررنا على القهوة، التي بتنا بها قبل، وعند طلوع الشمس انحدرنا مع العقبة الكؤود عقبة أكرى وتعجبنا من صعود إبل أهل ذلك البلد فيها وهبوطها بأحمال الفواكه الثقيلة. . وما وصلنا القهوة التي بسفح الجبل حتى اشتد النهار وحمى وطيس الهجير، . . . وما وصلنا وادي نعمان الأراك إلا بعد العصر، وسايرناه مع العشي مسايرة الخل الرقيق. . . إلى أن وصلنا القهوة التي هي على حدّ بسيط من عرفات بين العشائين، ونزلنا بها في أرغد عيش حول عين من الساقية تجري على وجه الأرض، وصلينا صلاة العشاء وتعشينا ثم أغفينا إغفاءة، ثم ارتحلنا قريباً من ثلث الليل الآخر ومررنا بنمرة ثم بالمأزمين ثم بجمع ثم ببطن محسر كلّ ذلك ليلاً فطلع الفجر ونحن بمنى. . . .
هذا الطريق هو طريق الهدا الذي يمرّ بوادي نعمان وجبل كرا وعرفات ونمرة، وهو كما ذكره الفاكهي والحربي لم يتغير، إلا أنه ذكر مروره بقرن الثعالب وقال: إنه ميقات أهل نجد. وهو اشتباه كما مرّ في بيان قرن الثعالب أنه ليس الميقات، وأن الميقات هو قرن المنازل المار بالنخلة اليمانية، وهذا الطريق الذي ذكره لا يمرّ بالنخلة اليمانية، كما أنه قد أخطأ في موارد أخرى، منها أنه سمى جبل كرا ب (أكرى) ، وقال في زبيدة: إنها ابنة جعفر المنصور، وذكر الهدى ولم يذكر اسمها لعله لم يعرفها، وسمى جبال السراة بجبال نجد، والسبب في ذلك أنه رجل مغربي غير عارف بأسماء الأماكن.
البلادي: وكان طريق الطائف القديم يأخذ حنيناً ثم يدعان ذات اليسار وهو أيضاً طريق نجد، كلّ هذا قبل فتح جبل كرا.
وقال (83) : وبعد قليل يأتيه من الجنوب الشرقي وادي كبير ذو روافد عديدة يسمى نخلة اليمانية، وقد أطلق عليه أخيرا اسم اليمانية، وبه عينان جاريتان هما