199قدومه علَمنا أن اثنين من العرب الفرسان وثالثاً كان راجلاً سألوه: يا حاج! لِمَ تخلّفت عن القافلة؟ فأخبرهم المسكين - والذي كُتِبَ له أجلٌ جديد - أن بعيره لا يستطيع السّير. فأجابوه: إذا أعطيتنا نقوداً فسنحمل لك متاعك. وعلىٰ أيّة حال أنزل الفرسان الرجل المشار إليه من علىٰ بعيره، وحملوا متاعه علىٰ بعيرهم، وتحرّكوا ببطء شديد حتىٰ غابوا عن أعين الحجيج، ثم أنزلوه، وكان معه (60) توماناً من النقود فأخذوها منه واقتسموها بينهم، وأخيراً فكّروا في قتله، ولمّا احَسّوا منه عجزاً شديداً اِنصرفوا عن قتله، ثم ضربوه ضرباً مُبرحاً، وأخرجوا ونهبوا ما تحت ثيابه، وبعد ذلك قالوا له: اِذهب من هنا إلىٰ حيث شئت. فقضى الحاج المسكين ليلته في تلك الصحراء بالبكاء والعويل حتىٰ طلوع النهار. بقي الحاج علىٰ هذا الحال إلى الظهر حتىٰ عثر عليه الرجال الذين خرجوا للبحث عنه، فأركبوه وهو في حالة يرثىٰ لها وأوصلوه إلىٰ قافلة الحجيج.
يوم الثلاثاء، السابع والعشرين، وصلنا رأس البئر، فملأنا الأواني ثانية بالماء، ثم ركبنا، ويبدو - إن شاء اللّٰه وبمساعدة الأئمة الاطهار عليهم السلام - أنّنا سنصل بعد يومين موقع الإحرام.
يوم الاربعاء، الثامن والعشرين من شهر ذي القعدة الحرام، تحركنا بعد أداء فريضة الصبح، ولساعة بقيت للغروب وصلنا المنزل، وأمّا الماء واِن كان حُلواً ولكنه ليس ماءً مُستساغاً جداً.
يوم الخميس، التاسع والعشرين، تحركنا بعد فريضة الصّبح، فلاحت لنا صحراء مليئة بأشجار أُمّ غيلان، وبقُدرة اللّٰه تعالىٰ كانت تبدو وكأنّها مرتّبةٌ من قِبل بستانيّ. كان قِسم من الصحراء يبدو وكأنّه كالبستان. وكنّا مستمرين في المسير. ليلة الجمعة غرة ذي الحجة، أنْبِئنا بأننا سنصل غداً (وادي عقيق) .
ليلة السّبت، الثاني من شهر ذي الحجة الحرام (1297) وصلنا المحرم عند مُنتصف الليل. كان الجو لطيفاً تلك الليلة. وكان الغلمان والرجال الذين معنا، قد