173
مهمّات مشبوهة في الديار المقدّسة (2)
حسن السعيد
حينما شرع الغرب حركته لوعي الذات، عبر اكتشافه لشروط تكوينها الداخلية، ولتتمخّض عمّا يُعرف ب «النهضة الأوروپية» . . . كان هناك ثمّة حركة دائبة لاكتشاف الآخر (الخصم الأكبر) ، بغية السيطرة عليه أحياناً، والتلاعب به، بل حتىٰ ضمه وتدميره.
ولم يكن هذا «الآخر» سوى الشرق، الذي أصبح منذ القدم، وبخاصة المشرق الاسلامي معروفاً في الغرب بوصفه نقيض الغرب المتمّم له 1.
هناك إذن رؤية فكرية قد تهيّأت خاصة خلال حقبة المواجهة، وتحديداً في القرن الثاني عشر، ثم توسّعت وتدفقت في القرن الثالث عشر والرابع عشر؛ لتمتد حتى القرن الثامن عشر، وحتى العصر الاستعماري 2، لتتكرّس وتتراكم باطراد حتىٰ تستوطن اللاوعي الغربي، وكأنها حقائق مسلّمة.
وفي القرون اللاحقة، وبخاصة في القرن السادس عشر، الذي شهد ظهور مذهب التجارة في اوروپا الغربيّة (المتمدنة) و (المتفوقة) و (العقلانية) والتي عدلت