11والفكري والسياسي، ومن الطبيعي أن الذين نالوا فيض الحج يحتلون مركز هذا التكليف والتوقع. وإذا كانت أبدانهم وأرواحهم وأفكارهم ومساعيهم ممزوجة بالحج وبركاته وآثاره، فالأجدر أن يحصلوا علىٰ أكثر ما يمكن من العطاء المعنوي والروحي والفردي والاجتماعي لهذه الفريضة، وسيحصلون بإذن اللّٰه علىٰ ذلك.
بركاتُ الحجّ وإن كانت تستوعب كلّ جوانب الحياة البشرية، ويعمّ مطر رحمتها جميع المجالات ابتداءً من خلوة القلب والفكر، ومروراً بساحات السياسة والاجتماع وعزّة المسلمين وتعاون الشعوب المسلمة، فتثرها وتحييها وتبث فيها نشاط الحياة. . ولكن قد يمكن القول: إنّ مفتاح كلّ هذا هو «المعرفة» ، وأولى هدايا الحج - لمن أراد أن يبصر الحقيقة ويستثمر ما ألهمه اللّٰه من قدرة علىٰ فهم «الظواهر» - هي المعرفة المتكاملة، التي ينفرد بها الحج، ولا يحصل عليها المسلمون عادة إلّامن هذه الفريضة، ولا تستطيع أية ظاهرة دينية أخرىٰ أن تقدم للأمة الإسلامية تلك المنظومة الكاملة من المعارف كما يقدمها الحج، ومن هذه المنظومة المتكاملة من المعارف:
معرفة الذات على الصعيد الفردي، ومعرفة الذات علىٰ صعيد الانتماء للأمة الإسلامية العظمىٰ، ومعرفة النموذج الموجود في الحج من تلك الأمة الواحدة، ومعرفة عظمة اللّٰه ورحمته، ومعرفة العدو. .