249عليِّ بن أبي طالب عليه السلام ومَن معه، قادمين من مكة إلى المدينة بعدما فدى النبي صلى الله عليه و آله بنفسه، ونام في فراشه ليلة هجرته 1، وأدّىٰ ودائع الناس التي 2كانت عند المصطفىٰ صلى الله عليه و آله، وقد بات النبي صلى الله عليه و آله في ذلك المكان حتى الصباح، ثم صلّى الصبح فيه، لذلك سُمّي مصَبِّح.
وقد توهم السيد أحمد الخياري 3بقوله: (ولعل سبب هذه التسمية ترجع إلىٰ أن قدوم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله علىٰ قباء مهاجراً كان صباحاً، وقوبل في هذا المكان) .
فقد ورد فيسيرة ابن هشام 4عن قوم من أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله أنّهم قالوا:
(لما سمعنا بمخرج رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله من مكة، وتوكفنا 5قدومه، كنا نخرج إذا صلينا الصبح، إلىٰ ظاهر حرّتنا ننتظر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فواللّٰه ما نبرح حتىٰ تغلبنا الشمس على الظل فإذا لم نجد ظلاً دخلنا وذلك في أيام حارة، حتىٰ إذا كان اليوم الذي قَدِم فيه رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، جلسنا كما كنا نجلس حتىٰ إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا، وقَدِم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حين دخلنا البيوت فكان أول مَن رآه رجل من اليهود قد رأى ما كنا نصنع، وإنّا ننتظر قدوم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، فصرخ بأعلىٰ صوته: يا بني قَيْلة 6، هذا جَدّكم 7قد جاء. قال: فخرجنا إلىٰ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، وهو في ظل نخلة) . وهذا يدل علىٰ أنّ الرسول صلى الله عليه و آله وصل قُبيل الظهر أو بعده، فكيف كان وصوله صباحاً؟ .
وبما أنّ مكان هذا المسجد باتجاه القبلة، وأنّ الرسول محمّداً صلى الله عليه و آله لم يذهب إلىٰ آبار علي لاستقبال القادم من مكة، أقترح هنا إنشاء طريق ثان من المدينة المنوّرة باتجاه مسجد قباء ماراً بمسجد مصبّح حتىٰ يصل إلىٰ مكة المكرمة، وقد قيل لي نقلاً عن أحد المهندسين: لو أُنشِئ هذا الطريق لفرّق حوالى مائة وخمسين كيلومتراً عن الطريق الحالي، ويُصبح طول الطريق المقترح أقلّ من ثلاثمائة كيلومتر، أما طريق الهجرة الحالي فطوله أربعمائة وعشرون كيلومتراً.
فحبّذا لو أُنشئ هذا الطريق المقترح ليكون عوناً علىٰ تخفيف معاناة ضيوف الرحمن، واللّٰه وليُّ التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد للّٰهربّ العالمين.