182وقع فيه، والقتل المباح قد يوجد فيه بدليل الآية: ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام . .
وقد ذهب فريق رابع إلىٰ أنه مكان آمن يلوذ به الناس؛ ليبعدوا أنفسهم عن التشفي والانتقام، فلا تنتقم العرب ممن دخل البيت، فكان الشخص يرىٰ قاتل أبيه أو أخيه. . داخل الحرم فلا يتعرض له بسوء حتىٰ يخرج منه، مع أن الثأر كان متجذراً في نفوسهم، بل العربي الذي لا يأخذ بثأره يكون موضع سخرية وعار ومع هذا لا يثأر لمقتوله داخل الحرم.
كما أن هناك فريقاً خامساً ذهب إلىٰ أن اللّٰه تعالىٰ جعل الحرم آمناً وأيضاً آمناً من القحط والجدب علىٰ ما قاله تعالىٰ: أو لم نمكن لهم حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كلّ شيء فإن إبراهيم أسكن أهله في وادٍ تحيط به المخاوف وهو غير ذي زرع ولا ضرع؛ ولهذا رفع يديه بالدعاء سائلاً اللّٰه تعالىٰ: ربّ اجعل هذا البلد آمناً أي أمناً من كلّ ما يخيف ثم عقبه بقوله: وارزق أهله من الثمرات من آمن زمنهم. . . فإبراهيم رأىٰ أن يطلب هذين الأمرين: الأمن والرزق . . أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف فبدونهما لا تدب حياة في هذا الوادي ولا يدوم بقاء وخير.
بينما ذهب فريقٌ سادس إلى أن المقصود بالأمن هو الأمن من القحط والجدب فقد ذكر صاحب التفسير الكبير أن (أبو بكر الرازي) ذكر وجوهاً للأمن المسؤول في الآية: ومن تلك الوجوه أنه سأله الأمن من القحط. . واحتج عليه بأنه عليه السلام سأله الأمن أولاً، ثمّ سأله الرزق ثانياً، ولو كان الأمن المطلوب هو الأمن من القحط لكان سؤال الرزق بعده تكراراً فقال في هذه الآية: ربّ اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات.
. . . ثم يقول: واعلم أن هذه الحجة ضعيفة فإن لقائل أن يقول: لعلّ الأمن المسؤول هو الأمن من الخسف والمسخ، أو لعلّه الأمن من القحط، ثمّ الأمن من