172ومنشأ ذلك الأخبار والنصوص المختلفة، حيث دلّ بعضها على الإتمام كما في خبر زياد بن مروان قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن إتمام الصلاة في الحرمين؟ فقال:
أحبّ لك ما أحبّ لنفسي أتم الصلاة» 1وهو ظاهر في استحباب الإتمام، وهناك ما يظهر منه وجوب القصر كالمروي عن الإمام الرضا عليه السلام: «قصّر ما لم تعزم علىٰ مقام عشرة أيام» 2.
وهكذا النصوص الأخرىٰ تساعد علىٰ آراء أخرىٰ كالتخيير أو وجوب الإتمام. وربما أمكننا الاستظهار بأنّ جواز الإتمام أو استحبابه أو وجوبه في مكة منسجم تماماً مع الخصوصية الثالثة الدالة علىٰ مساواة المكّي مع غيره في الحقّ بأرض مكّة ودورها بنحو يُشعر بأنّ مكة وطن للجميع، وحينئذ فكأن المسافر إذا وصلها قد وصل وطنه الطبيعي الذي يتم الصلاة فيه. ولكنّ أحداً من القائلين بالإتمام وجوباً أو استحباباً لم يذكر ذلك دليلاً عليه.
وبخصوص النقطة الثانية ظهر رأيان:
أ - إنّ الحكم أيّاً كان خاص بالمسجدين، المسجد الحرام والمسجد النبوي دون المدينتين، وهو مختار ابن إدريس في السرائر 3وتابعه صاحب الجواهر عليه 4، وكذلك السيّد اليزدي في العروة.
ب - إنّ الحكم يشمل المدينتين معاً مكة والمدينة، وعلىٰ ذلك الشيخ 5والمحقّق، واختاره صاحب المدارك ونسبه إلىٰ أكثر الأصحاب 6، واعتمده السيّد الحكيم في المستمسك 7.
ومنشأ الاختلاف في المسألة اختلاف النصوص. حيث ذكر بعضها عنوان الحرمين والقدر المتيقّن منهما المسجدان: الحرام والنبوي، فيما ذكر بعضها الآخر اسم مكة والمدينة 8.