248خالستكم بسيفي هذا مخالسة. . . واياكم والفتنة، فلا تهمّوا بها فإنها تفسد المعيشة وتكدر النعمة وتورث الاستئصال) 1.
وأدخل معاوية مبدأً جديداً في نظام الحكم يتنافىٰ ويتعارض مع مبادئ الاسلام وهو توريث الحكم وتحويل الخلافة الىٰ ملك يتوارثه الأبناء من الآباء، فعين ابنه يزيد ولياً للعهد، وأجبر أهل المدينة وبقية الأمصار علىٰ بيعة ابنه، فكانت خلافة الأمويين (بنظر الفقهاء ملكاً دنيوياً لاتستند الى الدين. . . وكانت المدينة يومئذٍ مركز الفقهاء، وكانت حانقة على الأمويين) 2.
واستمر أهل المدينة وأغلبهم من الأنصار في كراهيتهم للحكم الأموي في عهد معاوية ومن بعده يزيد.
العوامل والأسباب القريبة للواقعة
كان لمعاوية سياسة خاصة تختلف عن سياسة ابنه يزيد، فكان يستخدم الشدّة مع اللين في سياسته مع أهل المدينة، كما وكان مدارياً للأنصار بأساليب عديدة من اغراء وخداع وترغيب وإذا لم تنفع هذه فيأتي دور الترهيب، فأبقىٰ أحقادهم وكراهيتهم لحكمه في نطاق المعارضة السلمية، ولم تظهر منه موبقات كالتي ظهرت في عهد يزيد، فتحولت المعارضة السلمية الىٰ معارضة مسلحة أفرزتها الممارسات السلبية التي ارتكبها يزيد في سنوات حكمه القليلة:
أولاً: تشجيع حياة المجون والانحراف:
اشتهر يزيد بولعه بالمعازف وشرب الخمر والغناء واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب، والنطاح بين الكباش والدباب والقرود، ومامن يوم إلّاويصبح فيه مخموراً، وكان يشدّ القرد علىٰ مسرجة ويسوق به ويلبسه قلانس الذهب 3.