12وجودها في أرضهم، كلا فالكعبة ليست كذلك، بل هو بيت وضع للناس كافة ولن يخضع أبداً للقوانين الخاصة بالحجاز.
القاء إحدى الشبهات والردّ عليها
يقول القرآن الكريم في سورة يونس:
« وأَوحينا إلىٰ موسىٰ وأخيه أن تبوَّءَا لِقومكُما بمِصرَ بيوتاً واجعلوا بيوتكم قِبلةً وأقيمُوا الصلاةَ وَبشِّر المؤمنينَ» 1.
بعد أحداث هلاك فرعون وجنوده، عاد بنو إسرائيل المحرومون إلىٰ مصر بتوجيه من النبي موسىٰ عليه السلام.
ولدىٰ عودة هؤلاء المبعدين إلىٰ مصر، حيث إن مراكزهم العبادية، تم تخريبها علىٰ أيدي الفراعنة، ولم يمتلكوا القدرة والسلطة لإعادة بنائها بعد، فإن اللّٰه - سبحانه وتعالىٰ - أمرهم بجعل بيوتهم قبلة. هنا تطرح هذه الشبهة ومفادها:
«كيف أصبحت منازلهم قبلة لصلاتهم؟» وفي الإجابة عن هذه الشبهة لابدّ من القول: إن المراد من القبلة، مصلّىٰ ومحل الصلاة وليس «جهة» الصلاة؛ بمعنىٰ أنه لو صلىٰ بنو إسرائيل خارج بيوتهم فيجب أن يؤدوا صلاتهم باتجاه منازلهم حتماً! وبناءً علىٰ ذلك فلا منافاة بين هذا المطلب والآية التي هي محل بحثنا، حيث تقول بأن الكعبة هي أول قبلة وضعت للناس.
وإن احتمل بعض المفسّرين أن يكون معنىٰ الآية بهذا النحو.
«واجعلوا بيوتكم متقابلات بعضها مع بعض» ؛ «ليعلم بعضكم بأحوال بعض ولضمان أمنكم» . ولكن في كلّ الأحوال، لا يمكن أن يكون المراد من الآية أن يتوجه كلّ من أراد الصلاة منهم خارج بيته باتجاه منزله ليكون قبلة صلاته؛ لأنها مراكزهم العبادية، ومساجدهم ومعابدهم قبل التخريب، كانت باتجاه الكعبة، ولكن بعد التخريب لجأُوا إلىٰ بيوتهم وأخذوا