54فجعل النّاس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ولكن هذا كلّه - وأومأ بيده إلى الموقف - فتفرّق الناس وفعل مثل ذلك بالمزدلفة فوقف الناس حتىٰ وقع القرص - قرص الشمس - ثمّ أفاض وأمر الناس بالدعة 1حتىٰ انتهى إلى المزدلفة وهو المشعر الحرام فصلّى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ثمّ أقام حتىٰ صلّى فيها الفجر وعجّل ضعفاء بني هاشم بليل وأمرهم أن لا يرموا الجمرة - جمرة العقبة - حتّى تطلع الشمس فلمّا أضاء له النّهار أفاض حتىٰ انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة وكان الهدي الذي جاء به رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أربعة وستّين أو ستّة وستّين 2وجاء عليّ عليه السلام بأربعة وثلاثين أو ستّاً وثلاثين، فنحر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله ستّة وستّين ونحر علي عليه السلام أربعاً وثلاثين بدنة وأمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة 3من لحم، ثمّ تطرح في برمة، ثمّ تطبخ، فأكل رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وعليّ وحسيا من مرقها ولم يعطيا الجزّارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها وتصدَّق به وحلق وزار البيت ورجع إلى منى وأقام بها حتىٰ كان اليوم الثالث من آخر أيّام التّشريق، ثمّ رمى الجمار ونفر حتى انتهى إلى الأبطح فقالت له عائشة:
يا رسول اللّٰه ترجع نساؤك بحجّة وعمرة معاً وأرجع بحجّة؟ فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرّحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فأهلّت بعمرة ثمّ جاءت وطافت بالبيت وصلّت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعت بين الصّفا والمروة، ثمّ أتت النبيّ صلى الله عليه و آله فارتحل من يومه ولم يدخل المسجد الحرام ولم يطف بالبيت ودخل من أعلىٰ مكّة من عقبة المدنيّين وخرج من أسفل مكة من ذي طوى.