144الحجة وبشهر الحج. وهذه التسمية المعروفة حتى الآن في التقويم الهجري هي تسمية قديمة، كانت معروفة عند العرب قبل الإسلام 1. وكان هناك عدد من الآلهة يحج الناس إليها في الجاهلية؛ لذلك تعددت بيوت الأرباب.
ومعنىٰ هذا أنّ حجّ أهل الجاهلية لم يكن إلى مكة وحدها، بل كان إلى محجّات عديدة أُخرىٰ، بحيث حجّ كلّ قوم إلى البيت الذي قدّسوه، والصنم الذي عبدوه وطافوا حوله وتقرّبوا إليه ولبّوا له. وكانت «قريش» تتعبّد لأصنامها في الكعبة، ولكنها كانت تزور «العزّى» وتهدي لها وتتقرّب لها بالذبائح، كما كانت «قُضاعة» و «لَخْم» و «جَذام» و «أهل الشام» يحجّون إلى «الأُقيصر» ويحلقون رؤوسهم عنده.
وكانت «مُذْحِج» تحج إلى «يَغوث» كما كانت «طَي» تعبد «الغَلَس» وتهدي إليه. وكانت «ثقيف» تعبد «اللّات» في الطائف.
وحجَّ الجاهليون إلى بيوت أُخرىٰ مثل «بيت نجران» و «بيت ذي الخِلْصة» و «بيت مناة» و «بيت جَهار» و «سُواع شمس» و «مَحرِق» و «مَرحَب» و «ذُريح» 2.
ولم تكن طقوس الحج إلى مكة واحدة عند كلّ القبائل، بل كانوا يختلفون ويصنّفهم المؤرخون في صنفين عامين هما «الحُمْس» أو (الأحماس» و «الحُلّة» ويضيف البعض صنفاً ثالثاً هم «الطُلْس» أو (الأطلاس) .
و «الحُمْس» من العرب، وهم قريش كلّها و «خُزاعة» لنزولها مكة، وكلّ من ولدت قريش من العرب، وكل من نزل مكة من قبائل العرب. أمّا «الطُلْس» فهم سائر أهل «اليمن» وأهل «حضرموت» و «عك أياد» . أمّا «الحُلّة» فالمفروض أنهم بقية القبائل.
والأخباريون يذكرون أنّ الطائفين بالبيت كان صنف منهم يطوف عرياناً، وصنف يطوف في ثيابه، ويعرف من يطوف بالبيت عرياناً ب «الحَلّة» .
أمّا الذين يطوفون بثيابهم