142بلدان العالم القديم.
وإذا كان إبراهيم الخليل عليه السلام قد رفع القواعد من بيت اللّٰه في مكة المكرّمة، فإنّه لم يَرِد عنه، حتىٰ في المرويّات اليهودية، أنه بنىٰ للّٰه- تعالى - بيتاً آخر في فلسطين، بل يقولون: إنّه مرّ ببلدة «سالم» وهو الاسم الفلسطيني القديم للقدس فنزل ومن معه ضيوفاً علىٰ ملكيصادق (ملك الفلسطينيين) وقدّم ملكيصادق ملك (سالم) خبزاً ونبيذاً؛ لأنّه كان كاهناً للّٰهالعليّ، ثمّ باركه وقال: «مبارك أبرام من اللّٰه العليّ مالك السموات والأرض، وتبارك اللّٰه العليّ الذي دفع أعداءك إلى يديك» 1.
أما الساميون فقد كانوا علىٰ اختلاف عشائرهم يحجّون إلى أماكن معيّنة في أوقات معلومة. وكان أهم هذه البقاع المباركة عندهم، الجبال والأشجار والآبار وعيون الماء، فنقرأ مثلاً في التوراة: «وهذه هي الرسوم والأحكام التي أعطاك الرب إله آبائك، لتملكها كلّ الأيام، التي تحيونها على الأرض، تقوّضون جميع المواضع التي كانت الأُمم التي ترثونها تعبد فيها آلهتها: على الجبال الشامخة، والتلال، وتحت كلّ شجرة وارفة، وتُهدّمون مذابحهم، وتكسّرون أنصابهم، وتحرّقون غاباتهم بالنار، وتحطّمون زخارفهم لآلهتهم، وتمحون أسماءهم من ذلك الموضع، حتىٰ لا تصنعوا هكذا نحو الرب إلهكم. بل الموضع الذي يختاره الربّ إلهكم من جميع أسباطكم، ليحلّ فيه اسمه ويسكن فيه، فتؤمونه، وإلى هناك تسيرون، حاملين إليه محرقاتكم وذبائحكم وأعشاركم وتقدمات أيديكم ونذوركم ونوافلكم وبكور بقركم وغنمكم. وتأكلون هناك أمام الرب إلهكم وتفرحون بجميع ما تمتد إليه أيديكم أنتم وبيوتكم، مما بارككم فيه الرب إلهكم» 2.
ولم ينصّ الرب - لا هنا ولا في أي نصّ من كتابهم - علىٰ هذا الموضع! أمّا «أورشليم» فلم يكن اسمها قد أُطلق عليها بعد، بل كانت تحمل اسم «سالم»