73ولقد شاهدت منه سنة ورودي إلى خدمته أنّه كان ينقل الحطب علىٰ حمارٍ في الليل لعياله، ويصلّي الصّبح في المسجد، ويشتغل بالتدريس بقيّة نهاره. . .
وكان يصلّي العشاء جماعة، ويذهب لحفظ الكرم، ويصلّي الصبح في المسجد، ويجلس للتدريس والبحث كالبحر الزاخر. . .
. . . فقد كان غالب الزمان في الخوف الموجب لإتلاف النفس، والتستّر والاختفاء الذي لا يسع الإنسان معه أن يفكّر في مسألة من الضروريات البديهية. . .
. . . كانت أصابع يديه أقلام فضة، إذا نظر الناظر في وجهه، وسمع عذوبة لفظه لم تسمح نفسه بمفارقته، وتسلّى عن كلّ شيء بمخاطبته، تمتلئ العيوم من مهابته، وتبتهج القلوب لجلالته. وأيمُ اللّٰه، إنّه لفوق ما وصفتُ، وقد اشتمل من حميد الخصال علىٰ أكثر مما ذكرت 1.
وتحدّث عنه الشيخ علي العاملي صاحب الدر المنثور حفيد الشهيد، فقال:
مما سمعته في بلادنا مشهوراً، ورأيته أيضاً مشهوراً في غيرها أنّه - قدّس اللّٰه روحه - لمّا سافر إلى اصطنبول، ووصل إلى المكان الذي قُتِلَ به تغيّر لونه.
فسأله أصحابه عن ذلك، فقال ما معناه: «إنّه يقتل في هذا المكان رجل كبير - أو عظيم - له شأن» . فلمّا أُخذ قتل في ذلك المكان 2.
وقال العلامة الأميني أعلى اللّٰه مقامه في ترجمته:
. . . في رسالة مسائل السيد بدر الدين. . . الحسيني المدني التي سألها عن الشيخ حسين بن عبد الصمد والد شيخنا البهائي ما صورته:
سؤال: «ما يقول مولانا فيما يروىٰ عن الشهيد الثاني أنّه مرّ بموضع في اصطنبول، ومولانا الشيخ معه، فقال: يوشك أن يُقتل في هذا الموضع رجلٌ له شأن - أو قال شيئاً قريباً من هذا المعنى - ثمّ إنّه استشهد رحمه الله في ذلك الموضع، ولا