۶۵الطمأنينة والعذاب والحزن والأمل
كلّ ما له وجود فهو منك يا كريم
أفصحَ كليمك عن هذا السرّ
وأنطقَ بلسان العجز والسؤال
لقد هَجَرَ الإيمان قلب السامريّ
لأنّ لا أحد غيرك يهب الجسد روحاً ١٢والوسيلة إلى قرب جنابه - سبحانه - إمّا أن تكون من ذات العبد الذي ليس أثراً لجعل الفاعل - أعني العدم الذاتي - المعبّر عنه بالفقر في كلامه عليه السلام أو من اللّٰه - تعالى - أعني الوجود الفائض منه - سبحانه - مطلقاً، سواء كان جزء ذات العبد المتوسّل كما عرفت في المقدّمة الأولى، أو جزء ذات غيره، فإذا بطل صلوح كون الأوّل وسيلة تعيّن الثاني لامتناع الواسطة بين النفي والإثبات.
ولمّا كان الفقر مناسباً بالذات المتوسّل لضرورة مناسبة الذاتي لما هو ذاتي له، فيتوهّم صلوح كونه وسيلة أشار إليه عليه السلام في الفقرة الأولى بقوله: «ها أنا أتوسّل إليك بفقري إليك» .
ولمّا كان من شرط الوسيلة أن تكون مناسبة للطرفين - أعني المتوسِّل والمتوسَّل إليه - والفقر لا يناسب الغناء المطلق والإمكان أبعد من أن يصل إلى حضرة الحقّ أشار إليه عليه السلام في الفقرة الثانية بقوله: «وكيف أتوسّل إليك بما هو محال أن يصل إليك؟» .
فهذا الكلام منه عليه السلام بمنزلة القياس الاستثنائي كما علمت في مقدّمة الرسالة، فتعيّن أن يكون الوسيلة أثراً منه - سبحانه - سواء كان جزء ذاته كما عرفت أوّلاً، ولا يخفى من مناسبة الأوّل للطرفين.
أمّا مناسبته للمتوسّل فلكونه مظهراً لهويّته مبيّناً مقتضيات ذاته.