33وأضحى يشمل عند أهل السنّة أقوال الصحابة الذين يثقون بعدالتهم وقداستهم واجتهادهم. وأصبح قول مثل هؤلاء الصحابة تعبيراً عن قول الرسول. وفي مقابلهم وسّع الشيعة وأتباع مدرسة آل البيت مفهوم السنّة مستندين إلىٰ حديث الثقلين وإلى أدلّة أخرى، لتشمل أقوال وأفعال أئمة آل البيت المعصومين الوارثين لعلم الرسول. ولم يفرّقوا عملياً بين سنّة الرسول وسنّة الإمام. وعلى أيّ حال، كلّ فريق يطلق كلمة السنة على الأحاديث والروايات المعتبرة لديه الدالّة علىٰ سنّة الرسول، ولو أنها كانت قول الصحابي أو فعله (أو قول الإمام أو فعله عند الشيعة) ، التي يطلق عليها اسم السنّة الحاكية، مقابل ما يسمّىٰ بالسنّة المحكيّة وهي: السنّة الواقعية لرسول اللّٰه أو الإمام.
نقصد بالسنّة هنا المعنى العام الشائع لها عند الفريقين، ونستهدف تقديم صور عن أعمال الحج ومناسكه في الروايات والأحاديث الإسلامية، أو كتب السيرة والتاريخ، التي توضّح بأي حال أقوال الرسول وأفعاله في الحج، بما في ذلك آثار أهل السنّة المعتبرة، أو الشيعة الإمامية والزيدية والإسماعيلية. وسنحصر البحث في إطار السنّة، ولا نتطرّق إلى المباحث القرآنية والفقهية ذات العلاقة الأساسية بمباحث السنّة، إلّاإذا اقتضت الضرورة ذلك.
جولة في أحاديث الحجّ:
الرجوع إلىٰ جميع المصادر الحديثية الموثقة عند المسلمين، ليس بالأمر اليسير، ولا بمقدور هذا البحث المحدود أن يستوعب ذلك. لذلك لابدّ من الاقتصار علىٰ كتب معيّنة. فمن كتب أهل السنّة نرجع إلى الصحاح الستّة، أي صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائي، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وابن ماجة، إضافةً إلى السنن الكبرى للبيهقي وسنن الدارمي. . وإلى طبقات ابن سعد