30من ألفي عام بين أبناء إسماعيل والعرب، لكنها انحرفت وتغيّرت بالتدريج، وهذه المناسك التوحيدية المعبّرة عن الخلوص للّٰهالواحد الأحد، قد تلوّثت بالشرك والوثنيّة، وتبدل بيت التوحيد إلى بيت للأصنام.
نفهم من القرآن أنّ سيدنا إبراهيم دعا الناس - لأوّل مرّة بأمر ربّه - إلى الحج، وذكرنا أن كلمتي الحج والعمرة كانتا شائعتين قبل الإسلام، من هنا فالحج ليس عبادة فحسب، بل رسالة ودعوة، والعمل به تلبية لتلك الدعوة، والتلبية في الحج إجابة لدعوة اللّٰه في الميثاق الأزلي، ودعوة شيخ الأنبياء إبراهيم معاً.
2 - نظراً لعراقة مناسك الحجّ، فانّ آيات الحج إمّا أن تكون قبولاً، أو رفضاً للمناسك الشائعة بين العرب قبل الإسلام. فلم يتحدّث القرآن عن الحج بلغة التأسيس والإنشاء دون الالتفات إلىٰ تاريخه، كما تحدّث عن سائر العبادات.
من هنا فانّ فهم كثير من آيات الحجّ يحتاج إلىٰ فهم تاريخه وسابقته، وهذا ما نجده في محتويات السنّة، وفي الروايات والأحاديث الواردة بشأن الحج. أي أنّ الروايات الواردة عن الرسول والصحابة وأئمة آل البيت تتحدّث عن مراسم وآداب الجاهلية في بعض أعمال الحج، من خلال تفسير الآيات المرتبطة بتلك الأعمال.
3 - نستطيع أن نفهم مما تقدّم سبب عدم بيان كيفية مناسك الحج والعمرة بالترتيب في القرآن الكريم. سائر العبادات طبعاً لم تُذكر أيضاً تفاصيلُها في القرآن الكريم، بما في ذلك الصلاة التي هي عمود الدين. بل ذَكر القرآن مسائلها العامة تاركاً للسنّة ذكر التفاصيل، ولذلك قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: «صلّوا كما رأيتموني أُصلّي» .
إضافة إلىٰ هذه القاعدة العامة الشاملة لكلّ العبادات، هناك مسألة خاصّة بالحج. فالقرآن استند إلىٰ فهم الناس لأعمال الحج في العصر الجاهلي، واكتفى