19في هذا الجزء من الآية، نلاحظ وجود عدّة جمل سلبية، وجملة واحدة اثباتية؛ ففي الجزء السلبي منها، تبيّن إبراهيم علىٰ أنّه منفصلٌ عن اليهودية والنصرانية، وتنفي ارتباطه عليه السلام بهاتيك المجموعتين؛ لأنّه أولاً: مثل هذا الدين الممتزج بالتحريف، ينفر منه حتّىٰ موسىٰ وعيسىٰ عليهما السلام وثانياً: مع أنّ الديانتين اليهودية والنصرانية الأصليتين حقّ، إلّاأنّ إبراهيم الخليل عليه السلام لم يعمل بتعاليم دينٍ نزل فيما بعد. أما جملتها الإثباتية فهي: إنّ إبراهيم عليه السلام يعدّ مسلماً مستقيماً.
عظمة إبراهيم بين أهل الكتاب:
بما أنّ اليهود والنصارىٰ، لم يكن بوسعهم إنكار حقّ إبراهيم الخليل الذي تحدّثت بعظمته الكتب السماوية؛ مثل صحف إبراهيم والقرآن الكريم، فإن كلاً منهما كان ينسب الخليل عليه السلام له، ويصفه علىٰ أنّه يهودي أو مسيحي.
ولكن القرآن الكريم يشطب علىٰ جميع هذه الأوهام بخطّ البطلان، وينفي انتسابه عليه السلام لليهود والنصارىٰ «ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين» .
ادّعاء اليهود والنصارىٰ بالأنبياء الإبراهيميين ورأي القرآن بذلك:
ناهيك عن ادّعاء اليهود والنصارىٰ بانتساب إبراهيم إليهم، فإنهم ذهبوا إلى القول بانتساب بقيّة الأنبياء الإبراهيميين إليهم، وقالوا: إنهم يهودٌ أو نصارىٰ، ولذلك فإنّ القرآن الكريم، بيّن وجهة نظره ببقية الأنبياء الإبراهيميين علىٰ هذا الأساس: «أم تقولون إنّ إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارىٰ قل أأنتم أعلم أم اللّٰه. . .» 1.