111ولا تتراخى بسبب أخطار الحروب والقلاقل والفتن، فقد كان حجاج بيت اللّٰه الحرام من الأندلس والمغرب والسودان والصين والملايو يخرجون في رحلة الحج قبل موعده بعام أو أكثر أو أقل، ومعنى هذا: أنه في كلّ وقت تقريباً كانت هناك قوافل حجاج تقصد بيت اللّٰه الحرام، أو تعود منه، ألوفاً بعد ألوف من الناس، يخرجون من أطراف الأرض الأربعة، ووجهتهم بيت اللّٰه الأكرم، وهم في مرورهم بالمدن والواحات يذّكرون الناس بوحدة الدين، التي تجمع بعضهم إلىٰ بعض. والكثيرون منهم كانوا يستقرّون بعد الحج أينما شاءُوا من بلاد الإسلام، فكأن قوافل الحج كانت أسلحة محاريث قوية تشقّ الأرض الإسلاميّة، وتقلب تربتها، وتأذن لشمس العقيدة في أن تتخللها في عمق، وتبعث فيها الحياة. وهذا، ولا شك، كان في تقدير الخالق - سبحانه - حينما فرض على أمّة الإسلام الحجَّ إلىٰ بيته الحرام. . . ] 1.
وليس من شك أن الدور العالمي الذي يلعبه الحجُّ في المجتمع الإسلامي دورٌ سلمي وقائي، يحمي المجتمع من أخطار التمزّق العنصري، التي لم يكن في التأريخ ما هو أشدّ منها خطراً على قضية السلم والأمن في العالم. فالحجّ من هذه الجهة نوع من التربية الروحية، والفكرية المركّزة والعميقة في الاتجاه العالمي للإسلام. . .