٣٢
أدنى الحِلِّ « مواقيت العمرة المفردة لمن كان بمكّة»
حسن الجواهري
إن المقصود بأدنى الحِلِّ: هو أقرب الأماكن الىٰ حدود الحرم من خارج الحدود؛ ولهذا تعرف المنطقة التي تقع داخل حدود الحرم ب (الحرم) ، لما لها من أحكام خاصة تقديساً لمكّة.
وتعرف المنطقة التي تقع خارج الحدود ب (الحِل) لأن اللّٰه تعالى حلّل فيها ممارسة ما حرم داخل الحدود.
وقد انعكس ذكر (الحل والحرم) في الشعر العربي، كما ورد في قول الفرزدق مادحاً الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) عليه السلام فقال: هذا الذي تعرفُ البطحاء وطأته والبيتُ يعرفه والحلّ والحرمُ
وقد جعل الشارع المقدّس أدنى الحِلِّ ميقاتاً للعمرة المفردة على نحو الرخصة بالتفصيل الآتي:
لقد ذكر الفقهاء (رضوان اللّٰه عليهم) أن القارن أو المفرِد أو المتمتع بعد إتمام حجّة التمتع، أو مَنْ كان بمكّة ليس بحاجٍ أو مَنْ تعدَّى المواقيت (التي وقَّتَها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم للإحرام وأراد الدخول الىٰ مكّة) إذا أراد اتيان العمرة المفردة فميقاته أدنى الحِل بلا خلاف في ذلك، ومعنىٰ ذلك هو أن يخرج المعتمر مثلاً الى خارج حدود الحرم المحدّد في الروايات بأنه: « بريد في بريد» فيحرم منه. وقد ذكر الفقهاء استحباب أن يحرم المعتمر من الجعرانة أو الحديبيّة أو التنعيم، للتصريح بها في الروايات، وللتأسي، فمن الروايات:
١ - ما عن معاوية بن عمار في الصحيح عن الإمام الصّادق عليه السلام قال:
« اِعتمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ثلاث عمر متفرقات: عمرة ذي القعدة، أهلّ من عسفان وهي عمرة الحديبية، وعمرة أهلّ من الجحفة وهي عمرة القضاء، وعمرة من الجعرانة بعدما رجع من الطائف من غزوة حنين» ١.
وقد نقل عن طريق أبناء السنة عن ابن عباس: « أن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم اِعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية وعمرة القضاء من قابل، والثالثة من الجعرانة والرابعة التي مع حجته» ٢.
أقول: وظاهر الروايتين جواز الإحرام من عسفان، وهو يبعد عن مكة مرحلتين (۴٨ كيلومتراً) تقريباً، وهو ليس ميقاتاً، وليس من أدنى الحِل.
ولكن الإمام الخوئي رحمه الله ذكر ما يلي: « إن الذي يظهر من الروايات الصحيحة والتواريخ المعتبرة أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم إنما اعتمر بعد الهجرة عمرتين، وإنما عبّر في الصحيحة