٢
الحجُّ في أحاديث الإمام الخامنئي «حفظه اللّٰه»
« وَأذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأتُوكَ رِجَالاً وَعلىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَميقٍ» ١.
أقبل شهر ذي الحجة الحرام بكلِّ ما يحمله من عطاء أبدي للأمة الإسلاميّة.
حمداً للّٰه- سبحانه - على ما أنعم به من هدية خالدة وينبوع دفّاق، يستطيع المسلمون أن يتزوّدوا منهما كلّ سنة بقدر همتهم وبقدر معرفتهم.
المصالح والمنافع التي أودعها العِلم الإلهي والحكمة الإلهية في فريضة الحجِّ تبلغ من السعة والتنوّع بحيث لا يُرى لها شبيه في فريضة إسلاميّة أخرىٰ. الذكر والحضور المعنوي، ووعي الإنسان المسلم لنفسه في خلوته مع اللّٰه، وغسل القلب من صدإ الذنب والغفلة، وإحساس الحضور في المجموع، واستشعار وحدة كلّ مسلم مع جميع الأمّة المسلمة، وتحسّس القدرة المنبثقة عن عظمة جماعة المسلمين، وسعي كلّ فرد لأن يَبْرأ من أسقامه وأمراضه المعنوية، أي الذنوب، ثم البحث والسعي لمعرفة ما يعاني منه جسدُ الأمّة المسلمة من آلام وجراحات عميقة، ومعرفة دوائها وعلاجها، ومواساة الشعوب المسلمة التي تشكل أعضاء هذا الجسد العظيم. . . كلُّ ذلك قد أودع في الحجّ. . في تركيب أعماله ومناسكه المختلفة.
القرآن يطلق على أعمال الحجّ اسم «الشعائر» . وهذا يعني أنها لا تنحصر في أعمال فردية وتكاليف شخصية، بل إنها معالم تثير شعور الإنسان وتفتح معرفته على ما ترمز له تلك المعالم وتدل عليه. ووراء هذه المعالم يقف التوحيد ، أي رفض كلّ القوى التي تهيمن بشكل من الأشكال على جسم الإنسان وروحه، وترسيخ الحاكمية الإلهية المطلقة على كلّ الوجود، وبعبارة واضحة ومألوفة: حاكمية النظام الإسلاميِّ والقوانين الإسلاميّة على الحياة الفردية والاجتماعية للمسلمين.
* * *