82ويتبين من هذه الرواية: أن إبلاغ أمير المؤمنين (عليه السلام) آيات البراءة كان في يوم عيد الأضحي وفي مني، وعلي هذا فإن يوم الحج الأكبر يوم عيد الأضحي أيضاً.
ويروي حريز عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: قرأ علي بن أبي طالب (عليه السلام) آيات البراءة بعد ظهر يوم عيد الأضحي (54) .
ويروي الترمذي عن زيد بن يُثَيْع أنه سئل: ما كانت مهمتك في الحج؟ فقال: أربعة أمور:
1- لا يطوف بالبيت عريان.
2- من كان بينه وبين النبيِّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) عهد فعهده إلي مدته.
3- من لا عهد له يمهل أربعة أشهر.
4- لا يدخل الجنة إلاّ نفس مؤمنة (55) .
ويروي ابن عربي نقلاً عن أبي سعيد محمد بن طاهر، وهذا عن الاستاذ أبي مظفر طاهر بن محمود شاهبور، أنه قال: إنّ أحد الأدلة علي إرسال علي (عليه السلام) في هذه المهمة، أن العرب في الماضي كانوا لا ينقضون عهداً إلا بحضور صاحب العهد أو رجل من أهل بيته، وأراد الرسول (صلّي الله عليه وآله وسلم) ألاّ يدع للمشركين حجة، وأن يسكت ألسنتهم في المستقبل. فأرسل ابن عمه الذي كان من بني هاشم، ومن بيت رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) إلي مكة لنقض هذا العهد (56) .
ويؤيد محمد رشيد رضا في تفسير المنار وجود مثل هذه العادة، دون أن يشير إلي مصدره، ويبدو أنه نقل عن هذه الرواية أيضاً (57) .
ويظهر أن مثل هذا الموضوع ليس صحيحاً لأن:
أولاّ: كان الرسول (صلّي الله عليه وآله وسلم) مطلعاً علي عادات عرب الجاهلية، ولو وجدت هذه العادة لما كان من الواجب أن يختار أبابكر أولاً. ثم يعهد بالمهمة إلي علي (عليه السلام) بعد نزول الآيات.
ثانياً: يعتقد المفسرون أن اختيار علي (عليه السلام) لهذه المهمة كان من قبل الله، أبلغها جبرائيل الأمين رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلم) ، وأن هذا الاختيار الإلهي أهم من العمل بعادة جاهلية.
ثالثاً: تم إبلاغ آيات البراءة والرسول (صلّي الله عليه وآله وسلم) في أوج قدرته، وبعد فتح مكة، وفي الوقت الذي كان المشركون فيه أذلاء، ولم تكن لديهم القدرة علي الاعتراض في المستقبل علي الرسول لنقضه العهد.
وعلي كل حال لا شك في أن الرسول (صلّي الله عليه وآله وسلم) أمر أبابكر في البدء بابلاغ الآيات، ثم ألغي هذه المهمة وعهد بها لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) .