28((إنّ مناسك الحج هي مناسك الحياة، وعلي الأُمّة الإسلاميّة بمختلف قومياتها أن تصبح إبراهيمية لتلتحق بركب أُمة محمّد (صلّي الله عليه وآله وسلّم) وتكون واحدة ويداً واحدة))7.
فالحجّ تنظيم وتمرين وبلورة للحياة التوحيدية.
يري الإمام أن ((الحج يمثل مركز المعارف والإلهية الذي ينبغي أن يؤخذ منه محتوي السياسة الإسلاميّة في جميع الأبعاد الحياتية)) . لهذا يمكن أن تُستخرج سياسة الإسلام بجميع أبعادها من الحج كما يقول الامام.
ولقائد الثورة العزيز الذي يواصل بحق نهج الإمام قولاً مماثلاً في حُكمه لي إذ يقول: ((إنّ فريضة حج بيت الله هي من جملة الفرائض النادرة التي ادرجت فيها أبعاد متعددة ومتنوعة ترتبط بالحياة الفردية والسلوك الجمعي بشكل عظيم وذات تأثير عميق في الجسم والنفس الفكر وفي السلوك الآدمي، وتهبه، لو أدّاها بالشكل الصحيح، توفيقات كبيرة في جميع الميادين المادية والمعنوية)) .
ومن مهمّات فلسفة الحج أيضاً في روءي الإمام بُعده السياسي، حيث يقول: (( البعد السياسي للحج لا يقل أهمية عن بعده العبادي، ففي البعد السياسي عبادة فضلاً عن الجانب السياسي))8.
إنّ من فلسفة الحج أن يلبي صرخات الظلامة المنطقة من فلسطين وأفريقيا وأفغانستان، بل يستجيب لكل المظلومين والمستضعفين في العالم، لأن الحج ((قيام)) : جَعَلَ اللهُ الكَعبةَ البيتَ الحَرامَ قياماً لِلنّاس. . . 9.
ف- (( البيت الذي أُسس للقيام. وهذا القيام للناس لا بُدّ من الاجتماع فيه لهذا الهدف الكبير، وتعيين منافع الناس في تلك المواقف الشريفة))10. هذا هو تقييم الإمام ونظرته إلي الحج، وليست منافع الناس أن يذهبوا هناك ويجلبوا البضائع، ويبتاعوا السلع الامريكية التي حرّمها الإمام، وفي توضيحه للآية الكريمة: ليشهدوا منافع لهم التي يبين فيها القرآن فلسفة الحج، يقول الإمام:
((أي نفع أعلي وأسمي من أن تقطع أيدي جبابرة العالم والجائرين من التسلط علي البلدان المظلومة، وتصبح ثرواتها العظيمة بأيدي أبنائها))11.
أجل، هذا هو النفع الأكبر، وعلي حجاج بيت الله أن يأخذوا العبر من هذه الآية في معرفة فلسفة الحج.
ويقول الإمام عن الآية: وَ طَهِّربَيْتي للطّائِفينَ والقائِمينَ 12: ليس المقصود التطهير من النجاسات الظاهرية وحسب، فبيت الله يجب أن يطهر ليس فقط من النجاسات الظاهرية، وإنما من الأرجاس المعنوية أيضاً التي يفوق ضررها وخطرها علي المجتمع ضرر وخطر أي شيء آخر. الحج الابراهيمي هو ذلك الحج الذي يقام لتطهير بيت الله من النجاسات الظاهرية والباطنية، يقول الامام: (( المراد التطهير من جميع الأرجاس، وعلي رأسها الشرك، الأمر الذي بيّنه صدر الآية الكريمة))13. وَاِذْ بَوَّأْنا لإبراهيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بي شَيْئاً وَطَهّر بَيْتيَ. . . .
ويري الإمام أنّ من أهداف الحج (( إيجاد التفاهم وتعزيز أواصر الوحدة الاسلامية)) : ((من مهمات فلسفة الحج إيجاد التفاهم، وتعزيز الاخوّة بين المسلمين، وعلي العلماء والخطباء طرح المسائل الأساسية والسياسية والاجتماعية مع إخوتهم في الدين وتهيئة مشاريع لحلها، ليطرحوها بدورهم علي العلماء وأصحاب الرأي لدي عودتهم إلي بلدانهم)) .