14و لا يكاد ينقضي تعجبي من القاضي عياض و ابن حجر كيف يعرفان هؤلاء بمن عز بهم الإسلام و الدين و صار منيعا و فيهم يزيد بن معاوية ذلك السكير المستهتر الذي كان يشرب الخمر و يدع الصلاة،و لم يكتف بذلك بل ضرب الكعبة بالمنجنيق،و أباح المدينة ثلاثة أيام بأعراضها و أموالها و أنفسها بعد قتله لابن بنت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الحسين بن عليعليه السلامو اخوانه و أبنائه و خيرة أصحابه و سير بنات رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم سبايا دون حرمة لجدهم إلى الشام من أرض كربلاء،فليت شعري ما هو ميزان القوم في تفسيرهم للسنة النبوية و تعاملهم معها،و كل الحقائق تكذب ما ذهبوا إليه و ما صرحوا به.
و هل اعتز الإسلام بعبد الملك الذي يكفي في ذكر مساوئه تنصيبه الحجاج على العراق فقتل من الصحابة و التابعين ما لا يخفى. 45 ؟!
و كيف اعتز الدين بالوليد بن يزيد بن عبد الملك المنتهك لحرمات الله الذي حاول أن يشرب الخمر فوق ظهر الكعبة ففتح المصحف فإذا بالآية الكريمة:فاستفتحوا و خاب كل جبار عنيد فألقاه و رماه بالسهام و أنشد:
تهددني بجبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد إذا ما جائت ربك يوم حشر فقل يا رب مزقني الوليد
و من أراد أن يقف على جنايات الرجل و أقربائه و أجداده فليقرأ التاريخ الذي اسودت صفحاته بأفعالهم الشنيعة التي لا يسترها شيء و لا يغفل عنها إلا السذج و البلهاء.
أقول:إن للكاتب القدير السيد محمد تقي الحكيم كلاما في هذه الأحاديث يطيب لي نقله.قال :و الذي يستفاد من هذه الروايات:
1-أن عدد الأمراء أو الخلفاء لا يتجاوز الاثني عشر و كلهم من قريش.
2-أن هؤلاء الأمراء معينون بالنص،كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل،لقوله تعالى :و لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل و بعثنا منهم اثنى عشر نقيبا 46 .
3-أن هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي أو حتى تقوم الساعة كما هو مقتضى رواية مسلم:«ان هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة»و أصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب:«لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقى من الناس اثنان» .
إذا صحت هذه الإستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة و بقائهم و كونهم من المنصوص عليهم من قبله صلى الله عليه و آله و سلم و هي منسجمة جدا مع حديث الثقلين و بقاؤهما حتى يراد عليه الحوض.و صحة هذه الإستفادة موقوفة على أن يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة و الخلافة بالاستحقاق لا بالسلطة الظاهرية،لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله،و هي في حدود السلطة التشريعية لا التكوينية،لأن هذا النوع من السلطة هو الذي تقتضيه وظيفته كمشرع،و لا ينافي ذلك ذهاب السلطة