83
و من مات بعد الإحرام مع عدم استقرار الحجّ عليه، فإن كان موته بعد دخوله الحرم فلا إشكال في إجزائه عن حجّة الإسلام، و أمّا إذا كان قبل ذلك فالظاهر وجوب القضاء عنه (1) .
اختلف الفقهاء، في هذه المسألة إلى قولين:
أحدهما: إجراء التفصيل المذكور في مورد الاستقرار إلى مسألتنا هذه، و هي ما لو مات مع عدم استقرار الحجّ عليه.
ثانيهما: اختصاص التفصيل المتقدّم بمن استقرّ عليه الحجّ، بدعوى أنّه لا وجه لوجوب القضاء عمّن لم يستقر عليه الحجّ، لأنّ موته يكشف عن عدم الاستطاعة الزمانيّة، و لذا لا يجب إذا مات في البلد قبل الذهاب.
و الصحيح هو الأوّل، لإطلاق الأخبار في التفصيل المذكور، حيث يستفاد من ذلك أن من لم يستقر عليه الحجّ إذا مات في عام الاستطاعة بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام و لا يجب القضاء عنه، و إذا مات قبل ذلك يقضى عنه.
و لا نرى مانعاً من الالتزام بوجوب القضاء عنه إن لم يستقر عليه الحجّ، إلّا ما يقال من أنّ موته يكشف عن عدم الاستطاعة الزمانيّة، نظير ما لو مات في بلده في عام الاستطاعة فلا موضوع لوجوب القضاء عنه.
و يرد عليه: أنّ الموت في عام الاستطاعة و لو في الطريق أو بعروض مانع آخر عن الإتيان بالحج و إن كان يكشف عن عدم ثبوت الاستطاعة واقعاً، و لكن لا منافاة في وجوب القضاء عمّن مات في الطريق بعد التلبس بالإحرام و قبل الدخول في الحرم و إن لم يستقر عليه الحجّ، فإنّ الأحكام الشرعيّة أحكام تعبديّة تابعة لما تقتضيه الأدلّة، و المفروض أنّ إطلاق الأخبار لا قصور في شموله لمن لم يستقر عليه الحجّ و لعل ذكر الصرورة في صحيح بريد العجلي شاهد على ما ذكرنا، لأن أكثر من يخرج إلى الحجّ لا سيما في الأزمنة السابقة هو ممّن حصلت له الاستطاعة في نفس السنة، و لم يكن قد استقرّ عليه الحجّ في السنين السابقة، فلا وجه لاختصاص الأخبار بمن استقرّ