72
و بعبارة أُخرى: ذكروا أنّ وجوب الوفاء بالنذر مقيّد بالقدرة العقليّة كبقيّة الواجبات، و وجوب الحجّ مشروط بالقدرة الشرعيّة، فإذا كان بقاؤه في كربلاء يوم عرفة مثلاً واجباً لزيارة الحسين (عليه السلام) فقد صار عاجزاً عن الإتيان بالحج و القيام به، فإنّ العجز الشرعي كالعجز العقلي فيكون معذوراً في ترك الحجّ.
و ذهب جماعة من المحققين كالشيخ النائيني و منهم السيِّد الأُستاذ (دام ظله) إلى تقديم الحجّ و انحلال نذره، و هذا هو الصحيح. توضيح ذلك:
إنّ المشهور إنّما التزموا بتقديم النذر على الحجّ لالتزامهم بأخذ القدرة الشرعيّة في موضوع الحجّ، و لازم ذلك أن كلّ واجب يزاحم الحجّ يزيل موضوع الحجّ و هو الاستطاعة، و لا يكون المكلّف حينئذ قادراً على الحجّ و يصبح عاجزاً عن الإتيان به. و بعبارة أوضح: أُخذ في موضوع الحجّ أن لا يزاحمه واجب آخر، فإذا وجب على المكلّف شيء في أوان الحجّ و زاحمه بحيث لا يتمكّن من الجمع بينهما يسقط وجوب الحجّ لعدم القدرة عليه شرعاً.
و لكن الظاهر أنّه لا دليل على ما ذكروه أصلاً، و قد ذكرنا في بعض المباحث السابقة 1أنّ الحجّ ليس مشروطاً بالقدرة الشرعيّة المصطلحة و إنّما الحجّ كسائر الواجبات الإلٰهيّة مشروط بالقدرة العقليّة.
نعم، فسّرت القدرة المأخوذة في الحجّ في الرّوايات بقدرة خاصّة، و هي واجديته للزاد و الرّاحلة و صحّة البدن و تخلية السرب و لا يؤول ذلك إلى أخذ القدرة الشرعيّة بحيث يزاحمه أيّ واجب من الواجبات الشرعيّة، فوجوب الحجّ حاله حال سائر التكاليف الإلٰهيّة في كونه مشروطاً بالقدرة العقليّة، فعند مزاحمته لواجب آخر يلاحظ الأهم منهما كبقيّة الواجبات المتزاحمة، هذا كلّه بحسب الكبرى.
إلّا أنّه في خصوص المقام و هو ما لو نذر زيارة الحسين (عليه السلام) في كلّ عرفة و غير ذلك من النظائر لا يصل الأمر إلى التزاحم، و الوجه فيه أنّ وجوب الوفاء